أعذار كلها غير ناهضة وقد كتبنا في ذلك رسالة جواب سؤال أوضحنا فيها قوة القول بوجوب التسوية وأن الهبة مع عدمها باطلة وعن بن عباس رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه متفق عليه وفي رواية للبخاري ليس لنا مثل السوء الذي يعود في هبته كالكلب يقيء ثم يرجع في قيئه وعن بن عباس رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه متفق عليه وفي رواية للبخاري ليس لنا مثل السوء الذي يعود في هبته كالكلب يقيء ثم يرجع في قيئه فيه دلالة على تحريم الرجوع في الهبة وهو مذهب جماهير العلماء وبوب له البخاري باب لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته وقد استثنى الجمهور ما يأتي من الهبة للولد ونحوه وذهبت الهادوية وأبو حنيفة إلى حل الرجوع في الهبة دون الصدقة إلا الهبة لذي رحم قالوا والحديث المراد به التغليظ في الكراهة قال الطحاوي قوله كالعائد في قيئه وإن اقتضى التحريم لكن الزيادة في الرواية الأخرى وهي قوله كالكلب تدل على عدم التحريم لأن الكلب غير متعبد فالقيء ليس حراما عليه والمراد التنزه عن فعل يشبه فعل الكلب وتعقب باستبعاد التأويل ومنافرة سياق الحديث له وعرف الشرع في مثل هذه العبارة الزجر الشديد كما ورد النهي في الصلاة عن إقعاء الكلب ونقر الغراب والتفات الثعلب ونحوه ولا يفهم من المقام إلا التحريم والتأويل البعيد لا يلتفت إليه ويدل على التحريم الحديث الآتي وهو وعن بن عمر وبن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لرجل مسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده رواه أحمد والأربعة وصححه الترمذي وبن حبان والحاكم وعن بن عمر وبن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لرجل مسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده رواه أحمد والأربعة وصححه الترمذي وبن حبان والحاكم فإن قوله لا يحل ظاهر في التحريم والقول بأنه مجاز عن الكراهة الشديدة صرف له عن ظاهره وقوله إلا الوالد دليل على أنه يجوز للأب الرجوع فيما وهبه لابنه كبيرا كان أو صغيرا واختصه الهادوية بالطفل وهو خلاف ظاهر الحديث وفرق بعض العلماء فقال يحل الرجوع في الهبة دون الصدقة لأن الصدقة يراد بها ثواب الآخرة وهو فرق غير مؤثر في الحكم وحكم الأم حكم الأب عند أكثر العلماء نعم وخص الهادي ما وهبته الزوجة لزوجها من صداقها بأنه ليس لها الرجوع في ذلك ومثله رواه البخاري عن النخعي وعمر بن عبد العزيز تعليقا وقال الزهري يرد إليها إن كان خدعها وأخرج عبد الرزاق بسند منقطع إن النساء يعطين رغبة ورهبة فأيما امرأة أعطت زوجها فشاءت أن ترجع رجعت وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها رواه البخاري وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها رواه البخاري فيه دلالة على أن عادته صلى الله عليه وسلم كانت جارية بقبول الهدية والمكافأة عليها وفي رواية لابن أبي شيبة ويثيب عليها ما هو خير منها وقد استدل به على وجوب الإثابة على الهدية إذ كونه عادة له صلى الله عليه وسلم مستمرة يقتضي لزومه ولا يتم به الاستدلال على الوجوب لأنه قد يقال إنما فعله صلى الله عليه وسلم مستمرا