قوله تعالى كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين ومن قوله تعالى ولا تقولوا على الله إلا الحق وباعتبار شموله ذكره المصنف هنا تبعا للرافعي فإنه ذكره في باب الإقرار وفيه دلالة على اعتبار إقرار الإنسان على نفسه في جميع الأمور وهو أمر عام لجميع الأحكام لأن قول الحق على النفس هو الإخبار بما عليها مما يلزمها التخلص منه بمال أو بدن أو عرض وقوله ولو كان مرا من باب التشبيه لأن الحق قد يصعب إجراؤه على النفس كما يصعب عليها إساغة المر لمرارته ويأتي في باب الحدود والقصاص أحاديث في الإقرار باب العارية العارية بتشديد المثناة التحتية وتخفيفها ويقال عارة وهي مأخوذة من عار الفرس إذا ذهب لأن العارية تذهب من يد المعير أو من العار لأنه لا يستعير أحد إلا وبه عار وحاجة وهي في الشرع عبارة عن إباحة المنافع من دون ملك العين عن سمرة بن جندب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليد ما أخذت حتى تؤديه رواه أحمد والأربعة وصححه الحاكم بناء منه على سماع الحسن من سمرة لأن الحديث من رواية الحسن عن سمرة وللحفاظ في سماعه منه ثلاثة مذاهب الأول أنه سمع منه مطلقا وهو مذهب علي بن المديني والبخاري والترمذي والثاني لا مطلقا وهو مذهب يحيى بن سعيد القطان ويحيى بن معين وبن حبان والثالث لم يسمع منه إلا حديث العقيقة وهو مذهب النسائي واختاره بن عساكر وادعى عبد الحق أنه الصحيح والحديث دليل على وجوب رد ما قبضه المرء وهو ملك لغيره ولا يبرأ إلا بمصيره إلى مالكه أو من يقوم مقامه لقوله حتى تؤديه ولا تتحقق التأدية إلا بذلك وهو عام في الغصب والوديعة والعارية وذكره في باب العارية لشموله لها وربما يفهم منه أنها مضمونة على المستعير وفي ذلك ثلاثة أقوال الأول أنها مضمونة مطلقا وإليه ذهب بن عباس وزيد بن علي وعطاء وأحمد وإسحاق والشافعي لهذا الحديث ولما يأتي مما يفيد معناه والثاني للهادي وآخرين معه أن العارية لا يجب ضمانها إلا إذا شرط مستدلين بحديث صفوان ويأتي الكلام عليه والثالث للحسن وأبي حنيفة وآخرين أنها لا تضمن وإن ضمنت لقوله صلى الله عليه وسلم ليس على المستعير غير المغل ولا على المستودع غير المغل ضمان أخرجه الدارقطني والبيهقي عن بن عمر وضعفاه وصححا وقفه على شريح وقوله المغل بضم الميم فغين معجمة قال في النهاية أي إذا لم يخن في العارية الوديعة فلا ضمان عليه من الإغلال وهو الخيانة وقيل المغل المستغل وأراد به القابض لأنه بالقبض يكون مستغلا والأول أولى وحينئذ فلا تقوم به حجة على أنه لا تقوم به الحجة ولو صح رفعه لأن المراد ليس عليه ذلك من حيث هو مستعير لأنه لو التزم الضمان للزمه وحديث الباب كثيرا ما يستدلون منه بقوله على اليد ما أخذت حتى تؤديه على التضمين ولا دلالة فيه