أن يقال سبق الحاج وفيه إلا أنه ادان معرضا فأصبح وقد دين به أي أحاط به الدين فمن كان له عليه دين فليأتنا بالغداة فنقسم ماله بين غرمائه وإياكم والدين فإن أوله هم وآخره حرب انتهى وأما قصة جابر مع غرماء أبيه وهي أنه لما قتل أبوه في أحد وعليه دين فاشتد الغرماء في حقوقهم قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألهم أن يقبلوا ثمر حائطي ويحللوا أبي فأبوا فلم يعطهم النبي صلى الله عليه وسلم حائطي وقال سنغدو عليك فغدا علينا حين أصبح فطاف في النخل ودعا في ثمرها بالبركة فجذذتها فقضيتهم وبقي لنا من ثمرها فإن فيها دليلا على أن انتظار الغلة والتمكن منها لا يعد مطلا قيل ويؤخذ منها أن من كان له دخل ينظر إلى دخله وإن طالت مدته إذ لا فرق بين المدة الطويلة والقصيرة في حق الآدمي ومن لا دخل له لا ينظر ويبيع الحاكم ماله لأهل الدين نعم وأما الحجر على البالغ لسفه وسوء تصرف فقال به الشافعي ولم يقل به زيد بن علي ولا أبو حنيفة وبوب له البيهقي في السنن الكبرى باب الحجر على البالغين بالسفه وذكر فيه بسنده أن عبد الله بن جعفر اشترى أرضا بستمائة ألف درهم فهم علي وعثمان أن يحجرا عليه قال فلقيت الزبير فقال ما اشترى أحد بيعا أرخص مما اشتريت قال فذكر له عبد الله الحجر قال لو أن عندي مالا لشاركتك قال فإني أقرضك نصف المال قال فإني شريكك فأتاهما علي وعثمان وهما يتراوضان قالا ما تراوضان فذكر له الحجر على عبد الله بن جعفر قال أتحجران على رجل أنا شريكه قالا لا لعمري قال فإني شريكه وفي رواية قال عثمان كيف أحجر على رجل في بيع شريكه فيه الزبير قال الشافعي فعلي لا يطلب الحجر إلا وهو يراه والزبير لو كان الحجر باطلا لقال لا يحجر على بالغ وكذلك عثمان بل كلهم يعرف الحجر ثم ساق حديث عائشة وإرادة عبد الله بن الزبير الحجر عليها وغير ذلك من الأدلة من أفعال السلف ويستدل له بالحديث الصحيح وهو النهي عن إضاعة المال فإن السفيه يضيعه بسوء تصرفه فيجب الإنكار عليه بحجره عنه قال النووي والصغير لا ينقطع عنه حكم اليتم بمجرد علو السن ولا بمجرد البلوغ بل لا بد أن يظهر منه الرشد في دينه وماله وقال أبو حنيفة إذا بلغ خمسا وعشرين سنة يجب تسليم ماله إليه وإن كان غير ضابط وعن بن عمر رضي الله عنهما قال عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا بن أربع عشرة سنة فلم يجزني وعرضت عليه يوم الخندق وأنا بن خمس عشرة سنة فأجازني متفق عليه وفي رواية للبيهقي فلم يجزني ولم يرني بلغت وصححها بن خزيمة وعن بن عمر رضي الله عنهما قال عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا بن أربع عشرة سنة فلم يجزني وعرضت عليه يوم الخندق وأنا بن خمس عشرة سنة فأجازني متفق عليه وفي رواية للبيهقي فلم يجزني ولم يرني بلغت وصححها بن خزيمة وجه ذكر الحديث هنا أن من لم يبلغ خمس عشرة سنة لا تنفذ تصرفاته من بيع وغيره ومعنى قوله لم يجزني لم يجعل لي حكم الرجال المتقاتلين في إيجاب الجهاد علي وخروجي معه وقوله فأجازني أي رآني فيمن يجب عليه الجهاد ويؤذن له في الخروج إليه وفيه دليل على أن من استكمل خمس عشرة سنة صار مكلفا بالغا له أحكام الرجال ومن