البخاري في أبواب المظالم قلت أما النسخ فلا بد له من معرفة التاريخ على أنه لا يحمل عليه إلا إذا تعذر الجمع ولا تعذر هنا إذ يخص عموم النهي بالمرهونة وأما مخالفة القياس فليست الأحكام الشرعية مطردة على نسق واحد بل الأدلة تفرق بينها في الأحكام والشارع حكم هنا بركوب المرهون وشرب لبنه وجعله قيمة النفقة وقد حكم الشارع ببيع الحاكم عن المتمرد بغير إذنه وجعل صاع التمر عوضا عن اللبن وغير ذلك وقال الشافعي المراد أنه لا يمنع الراهن من ظهرها ودرها فجعل الفاعل الراهن وتعقب بأنه ورد بلفظ المرتهن فتعين الفاعل والقول الثالث للأوزاعي والليث أن المراد من الحديث أنه إذا امتنع الراهن من الإنفاق على المرهون فيباح حينئذ الإنفاق على الحيوان حفظا لحياته وجعل له في مقابل النفقة الانتفاع بالركوب أو شرب اللبن بشرط أن لا يزيد قدر ذلك أو قيمته على قدر علفه وقوى هذا القول في الشرح ولا يخفى أنه تقييد للحديث بما لم يقيد به الشارع وإنما قيده بالضابط المتصيد من الأدلة وهو أن كل عين في يده لغيره بإذن الشرع فإنه ينفق عليها بنية الرجوع على المالك وله أن يؤجرها أو يتصرف في لبنها في قيمة العلف إلا أنه إذا كان في البلد حاكم ولم يستأذنه فلا رجوع بما أنفق ويلزمه غرامة المنفعة واللبن فإن لم يكن في البلد حاكم أو كان يتضرر الحيوان بمدة الرجوع فله أن ينفق ويرجع بما أنفق إلا أنه قد يقال إنها قاعدة عامة فتخص بحديث الكتاب وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه رواه الدارقطني والحاكم ورجاله ثقات إلا أن المحفوظ عند أبي داود وغيره إرساله وعنه أي أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغلق بفتح حرف المضارعة وغين معجمة ساكنة ولام مفتوحة وقاف يقال غلق الرهن إذا خرج عن ملك الراهن واستولى عليه المرتهن بسبب عجزه عن أداء ما رهنه فيه وكان هذا عادة العرب فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه زيادته وعليه غرمه هلاكه ونفقته رواه الدارقطني والحاكم ورجاله ثقات إلا أن المحفوظ عند أبي داود وغيره إرساله قال الحافظ بن عبد البر اختلف في قوله له غنمه وعليه غرمه فقيل هي مدرجة من قول سعيد بن المسيب قال ورفعها بن أبي ذئب ومعمر وغيرهما مع كونهم أرسلوا الحديث على اختلاف على بن أبي ذئب ووقفها غيرهم وقد روى بن وهب هذا الحديث فجوده وبين أن هذه اللفظة من قول بن المسيب وكذا أبو داود في المراسيل قوى أنها من قوله ومعنى يغلق لا يستحقه المرتهن إذا عجز صاحبه عن فكه والحديث ورد لإبطال ما كان عليه الجاهلية من غلق الرهن عند المرتهن وبيان أن زيادته للمرتهن ونفقته عليه كما سلف فيما قبله وعن أبي رافع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكرا فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره فقال لا أجد إلا خيارا رباعيا فقال أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء رواه مسلم وهو من أحاديث باب القرض والأحاديث في فضله والحث عليه كثيرة وعن أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم استلف من رجل بكرا بفتح الموحدة وسكون الكاف الصغير من الإبل فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره قال لا أجد إلا خيارا رباعيا هو بفتح الراء الذي يدخل في السنة السابعة وتبقى رباعيته فقال أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء رواه مسلم