وقع عليها النص وإلى تحريم الربا فيها ذهبت الأمة كافة واختلفوا فيما عداها فذهب الجمهور إلى ثبوته فيما عداها مما شاركها في العلة ولكن لما لم يجدوا علة منصوصة اختلفوا فيها اختلافا كثيرا يقوي للناظر العارف أن الحق ما ذهبت إليه الظاهرية من أنه لا يجري الربا إلا في الستة المنصوص عليها وقد أفردنا الكلام على ذلك في رسالة مستقلة سميتها القول المجتبى واعلم أنه اتفق العلماء على جواز بيع ربوي بربوي لا يشاركه في الجنس مؤجلا ومتفاضلا كبيع الذهب بالحنطة والفضة بالشعير وغيره من المكيل واتفقوا على أنه لا يجوز بيع الشيء بجنسه وأحدهما مؤجل وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا بمثل والفضة بالفضة وزنا بوزن مثلا بمثل فمن زاد أو استزاد فهو ربا رواه مسلم وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب وزنا بوزن نصب على الحال مثلا بمثل والفضة بالفضة وزنا بوزن مثلا بمثل فمن زاد أو استزاد فهو ربا رواه مسلم فيه دليل على تعيين التقدير بالوزن لا بالخرص والتخمين بل لا بد من التعيين الذي يحصل بالوزن وقوله فمن زاد أي أعطى الزيادة أو استزاد أي طلب الزيادة فقد أربى أي فعل الربا المحرم واشترك في إثمه الآخذ والمعطي وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا على خيبر فجاءه بتمر جنيب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل تمر خيبر هكذا فقال لا والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفعل بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا وقال في الميزان مثل ذلك متفق عليه ولمسلم وكذلك الميزان وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا اسمه سواد بفتح السين المهملة وتخفيف الواو ودال مهملة بن غزية بفتح الغين المعجمة وكسر الزاي ومثناة تحتية بزنة عطية وهو من الأنصار على خيبر فجاءه بتمر جنيب بالجيم المفتوحة والنون بزنة عظيم يأتي بيان معناه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل تمر خيبر هكذا فقال لا والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تفعل بع الجمع بفتح الجيم وسكون الميم التمر الرديء بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا وقال في الميزان مثل ذلك متفق عليه ولمسلم وكذلك الميزان الجنيب قيل الطيب وقيل الصلب وقيل الذي أخرج منه حشفه ورديئه وقيل هو الذي لا يختلط بغيره وقد فسر الجمع بما ذكرناه آنفا وفسر في رواية لمسلم بأنه الخلط من التمر ومعناه مجموع من أنواع مختلفة والحديث دليل على أن بيع الجنس بجنسه يجب فيه التساوي سواء اتفقا في الجودة والرداءة أو اختلفا وأن الكل جنس واحد وقوله وقال في الميزان مثل ذلك أي قال فيما كان يوزن إذا بيع بجنسه مثل ما قال في المكيل إنه لا يباع متفاضلا وإذا أريد مثل ذلك بيع بالدراهم وشري ما يراد بها والإجماع قائم على أنه لا فرق بين المكيل والموزون في ذلك الحكم واحتجت الحنفية بهذا الحديث على أن ما كان في زمنه صلى الله عليه وسلم مكيلا لا يصح أن يباع ذلك بالوزن متساويا بل لا بد من اعتبار كيله وتساويه كيلا وكذلك الوزن وقال بن عبد البر إنهم أجمعوا أن ما كان أصله الوزن لا يصح أن يباع بالكيل بخلاف ما كان أصله الكيل فإن بعضهم يجيز فيه الوزن