وغيرها من الآيات وإني حرمت المدينة هي علم بالغلبة لمدينته صلى الله عليه وسلم التي هاجر إليها فلا يتبادر عند إطلاق لفظها إلا هي كما حرم إبراهيم مكة وإني دعوت في صاعها ومدها أي فيما يكال بهما لأنهما مكيالان معروفان بمثل ما دعا به إبراهيم لأهل مكة متفق عليه المراد من تحريم مكة تأمين أهلها من أن يقاتلوا وتحريم من يدخلها لقوله تعالى ومن دخله كان آمنا وتحريم صيدها وقطع شجرها وعضد شوكها والمراد من تحريم المدينة تحريم صيدها وقطع شجرها ولا يحدث فيها حدث وفي تحديد حرم المدينة خلاف ورد تحديده بألفاظ كثيرة ورجحت رواية ما بين لابتيها لتوارد الرواة عليها وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة حرام ما بين عير إلى ثور رواه مسلم وعن علي رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم المدينة حرام ما بين عير بالعين المهملة فمثناة تحتية فراء جبل بالمدينة إلى ثور رواه مسلم ثور بالمثلثة وسكون الواو وآخره راء في القاموس إنه جبل بالمدينة قال وفيه الحديث الصحيح وذكر هذا الحديث ثم قال وأما قول أبي عبيد القاسم بن سلام وغيره من الأكابر الأعلام إن هذا تصحيف والصواب إلى أحد لأن ثورا إنما هو بمكة فغير جيد لما أخبرني الشجاع الثعلبي الشيخ الزاهد عن الحافظ أبي محمد بن عبد السلام البصري أن حذاء أحد جانحا إلى ورائه جبلا صغيرا يقال له ثور وتكرر سؤالي عنه طوائف من العرب العارفين بتلك الأرض فكل أخبرني أن اسمه ثور ولما كتب إلي الشيخ عفيف الدين المطري عن والده الحافظ الثقة قال إن خلف أحد عن شماله جبلا صغيرا مدورا يسمى ثورا يعرفه أهل المدينة خلف عن سلف انتهى وهو لا ينافي حديث ما بين لابتيها لأنهما حرتان يكتنفانها كما في القاموس وعير وثور مكتنفان المدينة فحديث عير وثور يفسر اللابتين باب صفة الحج ودخول مكة أراد به بيان المناسك والإتيان بها مرتبة وكيفية وقوعها وذكر حديث جابر وهو واف بجميع ذلك عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج فخرجنا معه حتى إذا أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس فقال اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به على البيداء أهل بالتوحيد لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك حتى إذا أتينا البيت استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ثم أتى مقام إبراهيم فصلى ثم رجع إلى الركن فاستلمه ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ إن الصفا والمروة من شعائر الله ابدءوا بما بدأ الله به فرقى الصفا حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلاث مرات ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا وذكر الحديث وفيه فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى وركب النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس فأجاز حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا ثم ركب حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص ودفع وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى يا أيها الناس السكينة السكينة وكلما أتى جبلا من الجبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا ثم اضطجع حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة ثم ركب حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس حتى أتى بطن محسر فحرك قليلا ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها كل حصاة مثل حصى الخذف رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر رواه مسلم مطولا عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج عبر بالماضي لأنه روى ذلك بعد تقضي الحج حين سأله عنه محمد بن علي بن الحسين كما في صحيح مسلم فخرجنا معه أي من المدينة حتى إذا أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس بصيغة التصغير امرأة أبي بكر يعني محمد بن أبي بكر فقال أي النبي صلى الله عليه وسلم اغتسلي واستثفري بسين مهملة فمثناة فوقية ثم راء هو شد المرأة على وسطها شيئا ثم تأخذ خرقة عريضة تجعلها في محل الدم وتشد طرفيها من ورائها ومن قدامها إلى ذلك الذي شدته في وسطها وقوله بثوب بيان لما تستثفر به وأحرمي فيه أنه لا يمنع النفاس صحة عقد الإحرام وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أي صلاة الفجر