كف الإنسان المعتدل إذا ملأهما ومد يده بهما ومنه سمي مدا وقد جربت ذلك فوجدته صحيحا اه فجعل يدلك ذراعيه أخرجه أحمد وصححه بن خزيمة وقد أخرج أبو داود من حديث أم عمارة الأنصارية بإسناد حسن أنه صلى الله عليه وسلم توضأ بإناء فيه قدر ثلثي مد ورواه البيهقي من حديث عبد الله بن زيد فثلثا المد هو أقل ما روي أنه توضأ به صلى الله عليه وسلم وأما حديث أنه توضأ بثلث مد فلا أصل له وقد صحح أبو زرعة من حديث عائشة وجابر أنه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد وأخرج مسلم نحوه من حديث سفينة وأبو داود من حديث أنس توضأ من إناء يسع رطلين والترمذي بلفظ يجزئ في الوضوء رطلان وهي كلها قاضية بالتخفيف في ماء الوضوء وقد علم نهيه صلى الله عليه وسلم عن الإسراف في الماء وإخباره أنه سيأتي قوم يعتدون في الوضوء فمن جاوز ما قال الشارع أنه يجزئ فقد أسرف فيحرم وقول من قال إن هذا تقريب لا تحديد ما هو ببعيد لكن الأحسن بالمتشرع محاكاة أخلاقه صلى الله عليه وسلم والاقتداء به في كمية ذلك وفيه دليل على مشروعية الدلك لأعضاء الوضوء وفيه خلاف فمن قال بوجوبه استدل بهذا ومن قال لا يجب قال لأن المأمور به في الاية الغسل وليس الدلك من مسماه ولعله يأتي ذكر ذلك وعنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ لأذنيه ماء غير الماء الذي أخذه لرأسه أخرجه البيهقي وهو عند مسلم من هذا الوجه بلفظ ومسح برأسه بماء غير فضل يديه وهو المحفوظ وعنه أي عن عبد الله بن زيد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ لأذنيه ماء غير الماء الذي أخذه لرأسه أخرجه البيهقي وهو أي هذا الحديث عند مسلم من هذا الوجه بلفظ ومسح برأسه بماء غير فضل يديه وهو المحفوظ وذلك أنه ذكر المصنف في التلخيص عن بن دقيق العيد أن الذي رآه في الرواية هو بهذا اللفظ الذي قال المصنف إنه المحفوظ وقال المصنف أيضا إنه الذي في صحيح بن حبان وفي رواية الترمذي ولم يذكر في التلخيص أنه أخرجه مسلم ولا رأيناه في مسلم وإذا كان كذلك فأخذ ماء جديد للرأس هو أمر لا بد منه وهو الذي دلت عليه الأحاديث وحديث البيهقي هذا هو دليل أحمد والشافعي أنه يؤخذ للأذنين ماء جديد وهو دليل ظاهر وتلك الأحاديث التي سلفت غاية ما فيها أنه لم يذكر أحد أنه صلى الله عليه وسلم أخذ ماء جديدا وعدم الذكر ليس دليلا على عدم الفعل إلا أن قول الرواة من الصحابة ومسح رأسه وأذنيه مرة واحدة ظاهر أنه بماء واحد وحديث الأذنان من الرأس وإن كان في أسانيده مقال إلا أن كثرة طرقه يشد بعضها بعضا ويشهد لها أحاديث مسحهما مع الرأس مرة واحدة وهي أحاديث كثيرة عن علي وبن عباس والربيع وعثمان كلهم متفقون على أنه مسحهما مع الرأس مرة واحدة أي بماء واحد كما هو ظاهر لفظ مرة إذ لو كان يؤخذ للأذنين ماء جديد ما صدق أنه مسح رأسه وأذنيه مرة واحدة وإن احتمل أن المراد أنه لم يكرر مسحهما وأنه أخذ لهما ماء جديدا فهو احتمال بعيد وتأويل حديث إنه أخذ لهما ماء خلاف الذي مسح به رأسه أقرب ما يقال فيه إنه لم يبق في يده بلة تكفي لمسح الأذنين فأخذ لهما ماء جديدا