الترتيب ولا المعية فلعله أراد أن يذكر ما وقع في الجملة من إكرامه صلى الله عليه وسلم من غير إرادة الترتيب وقيل إنه صلى الله عليه وسلم أعطاه أحد قميصيه أولا ولما دفن أعطاه الثاني بسؤال ولده عبد الله وفي الإكليل للحاكم ما يؤيد ذلك واعلم أنه إنما أعطى عبد الله بن عبد الله بن أبي لأنه كان رجلا صالحا ولأنه سأله ذلك وكان لا يرد سائلا وإلا فإن أباه الذي ألبسه قميصه صلى الله عليه وسلم وكفن فيه من أعظم المنافقين ومات على نفاقه وأنزل الله فيه ولا تصل على أحد منهم مات أبدا وقيل إنما كساه صلى الله عليه وسلم قميصه لأنه كان كسا العباس لما أسر ببدر فأراد صلى الله عليه وسلم أن يكافئه وعن بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي تقدم حديث البخاري عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب بيض وظاهر الأمر أنه يجب التكفين في الثياب البيض ويجب لبسها إلا أنه صرف الأمر عنه في اللبس أنه قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لبس غير الأبيض وأما التكفين فالظاهر أنه لا صارف عنه إلا أن لا يوجد الأبيض كما وقع في تكفين شهداء أحد فإنه صلى الله عليه وسلم كفن جماعة في نمرة واحدة كما يأتي فإنه لا بأس به للضرورة وأما ما رواه بن عدي من حديث بن عباس أنه صلى الله عليه وسلم كفن في قطيفة حمراء ففيه قيس بن الربيع وهو ضعيف وكأنه اشتبه عليه بحديث أنه جعل في قبره قطيفة حمراء وكذلك ما قيل إنه كفن في برد حبرة وتقدم الكلام أنه إنما سجي بها ثم نزعت عنه وعن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه رواه مسلم ورواه الترمذي أيضا من حديث أبي قتادة وقال حسن غريب ثم قال بن المبارك قال سلام بن أبي مطيع قوله وليحسن كفنه قال هو الضفاء بالضاد المعجمة والفاء أي الواسع الفائض وفي الأمر بإحسان الكفن دلالة على اختيار ما كان أحسن في الذات وفي صفة الثوب وفي كيفية وضع الثياب على الميت فأما حسن الذات فينبغي أن يكون على وجه لا يعد من المغالاة كما سيأتي النهي عنه وأما صفة الثوب فقد بينها حديث بن عباس الذي قبل هذا وأما كيفية وضع الثياب على الميت فقد بينت فيما سلف وقد وردت أحاديث في إحسان الكفن وذكرت فيها علة ذلك أخرج الديلمي عن جابر مرفوعا أحسنوا كفن موتاكم فإنهم يتباهون ويتزاورون بها في قبورهم وأخرج أيضا من حديث أم سلمة أحسنوا الكفن ولا تؤذوا موتاكم بعويل ولا بتزكية ولا بتأخير وصية ولا بقطيعة وعجلوا بقضاء دينه واعدلوا عن جيران السوء وأعمقوا إذا حفرتم ووسعوا ومن الإحسان إلى الميت ما أخرجه أحمد من حديث عائشة عنه صلى الله عليه وسلم ومن غسل ميتا فأدى فيه الأمانة ولم يفش عليه ما يكون منه عند ذلك خرج من ذنوبه كيوم