وهذا كله في الجمع في السفر وأما الجمع في الحضر فقال الشارح بعد ذكر أدلة القائلين بجوازه فيه إنه ذهب أكثر الأئمة إلى أنه لا يجوز الجمع في الحضر لما تقدم من الأحاديث المبينة لأوقات الصلوات ولما تواتر من محافظة النبي صلى الله عليه وسلم على أوقاتها حتى قال بن مسعود ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين جمع بين المغرب والعشاء بجمع وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها وأما حديث بن عباس عند مسلم أنه جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر قيل لابن عباس ما أراد إلى ذلك قال أراد أن لا يحرج أمته فلا يصح الاحتجاج به لأنه غير معين لجمع التقديم والتأخير كما هو ظاهر رواية مسلم وتعيين واحد منها تحكم فوجب العدول عنه إلى ما هو واجب من البقاء على العموم في حديث الأوقات للمعذور وغيره وتخصيص المسافر لثبوت المخصص وهذا هو الجواب الحاسم وأما ما يروى من الآثار عن الصحابة والتابعين فغير حجة إذ للاجتهاد في ذلك مسرح وقد أول بعضهم حديث بن عباس بالجمع الصوري واستحسنه القرطبي ورجحه وجزم به بن الماجشون والطحاوي وقواه بن سيد الناس لما أخرجه الشيخان عن عمرو بن دينار راوي الحديث عن أبي الشعثاء قال قلت يا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء قال وأنا أظنه قال بن سيد الناس وراوي الحديث أدري بالمراد منه من غيره وإن لم يجزم أبو الشعثاء بذلك وأقول إنما هو ظن من الراوي والذي يقال فيه أدري بما روى إنما يجري في تفسيره للفظ مثلا على أن في هذه الدعوى نظرا فإن قوله صلى الله عليه وسلم فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه يرد عمومها نعم يتعين هذا التأويل فإنه صرح به النسائي في أصل حديث بن عباس ولفظه صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ثمانيا جمعا وسبعا جمعا أخر الظهر وعجل العصر وآخر المغرب وعجل العشاء والعجب من النووي كيف ضعف هذا التأويل وغفل عن متن الحديث المروي والمطلق في رواية يحمل على المقيد إذا كانا في قصة واحدة كما في هذا والقول بأن قوله أراد أن لا يحرج أمته يضعف هذا الجمع الصوري لوجود الحرج فيه مدفوع بأن ذلك أيسر من التوقيت إذ يكفي للصلاتين تأهب واحد وقصد واحد إلى المسجد ووضوء واحد بحسب الأغلب بخلاف الوقتين فالحرج في هذا الجمع لا شك أخف وأما قياس الحاضر على المسافر كما قيل فوهم لأن العلة في الأصل هي السفر وهو غير موجود في الفرع وإلا لزم مثله في القصر والفطر انتهى قلت وهو كلام رصين وقد كنا ذكرنا ما يلاقيه في رسالتنا اليواقيت في المواقيت قبل الوقوف على كلام الشارح رحمه الله وجزاه خيرا ثم قال واعلم أن جمع التقديم فيه خطر عظيم وهو كمن صلى الصلاة قبل دخول وقتها فيكون حال الفاعل كما قال الله تعالى وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا الآية من ابتدائها وهذه الصلاة المقدمة لا دلالة عليها بمنطوق ولا مفهوم ولا عموم ولا خصوص