المذهبين جميعا لأنه يقتضي التخيير للمؤتم بين القيام والقعود ومنها أنه قد ثبت فعل ذلك عن جماعة من الصحابة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم أنهم أموا قعودا ومن خلفهم قعودا أيضا منهم أسيد بن حضير وجابر وأفتى به أبو هريرة قال بن المنذر ولا يحفظ عن أحد من الصحابة خلاف ذلك وأما حديث لا يؤمن أحدكم بعدي قاعدا قوما قياما فإنه حديث ضعيف أخرجه البيهقي والدارقطني من حديث جابر الجعفي عن الشعبي عن النبي صلى الله عليه وسلم وجابر ضعيف جدا وهو مع ذلك مرسل قال الشافعي قد علم من احتج به أنه لا حجة فيه لأنه مرسل ومن رواته رجل يرغب أهل العلم عن الرواية عنه يعني جابرا الجعفي وذهب أحمد بن حنبل في الجمع بين الحديثين إلى أنه إذا ابتدأ الإمام الراتب الصلاة قاعدا لمرض يرجى برؤه فإنهم يصلون خلفه قعودا وإذا ابتدأ الإمام الصلاة قائما لزم المأمومين أن يصلوا خلفه قياما سواء طرأ ما يقتضي صلاة إمامهم قاعدا أم لا كما في الأحاديث التي في مرض موته فإنه صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم بالقعود لأنه ابتدأ إمامهم صلاته قائما ثم أمهم صلى الله عليه وسلم في بقية الصلاة قاعدا بخلاف صلاته صلى الله عليه وسلم بهم في مرضه الأول فإنه ابتدأ صلاته قاعدا فأمرهم بالقعود وهو جمع حسن وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخرا فقال تقدموا فائتموا بي وليأتم بكم من بعدكم رواه مسلم وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخرا فقال تقدموا فأتموا بي وليأتم بكم من بعدكم رواه مسلم كأنهم تأخروا عن القرب والدنو منه صلى الله عليه وسلم وقوله ائتموا بي أي اقتدوا بأفعالي وليقتد بكم من بعدكم مستدلين بأفعالكم على أفعالي والحديث دليل على أنه يجوز اتباع من خلف الإمام ممن لا يراه ولا يسمعه كأهل الصف الثاني يقتدون بالأول وأهل الصف الثالث بالثاني ونحوه أو بمن يبلغ عنه وفي الحديث حث على الصف الأول وكراهة البعد عنه وتمام الحديث لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرة مخصفة فصلى فيها فتتبع إليه رجال وجاءوا يصلون بصلاته الحديث وفيه أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة متفق عليه وعن زيد بن ثابت قال احتجر هو بالراء المنع أي اتخذ شيئا كالحجرة من الخصف وهو الحصير ويروى بالزاي أي اتخذ حاجزا بينه وبين غيره أي مانعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرة مخصفة فصلى فيها فتتبع إليه رجال وجاءوا يصلون بصلاته الحديث وفيه أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة متفق عليه وقد تقدم في شرح حديث جابر في باب صلاة التطوع وفيه دلالة على جواز فعل مثل ذلك في المسجد إذا لم يكن فيه تضييق على المصلين لأنه كان يفعله بالليل ويبسط بالنهار وفي رواية مسلم ولم يتخذه دائما وقوله فتتبع من التتبع الطلب والمعنى طلبوا موضعه واجتمعوا إليه وفي رواية البخاري فثار إليه وفي رواية له فصلى فيها ليالي فصلى بصلاته ناس من أصحابه فلما علم بهم جعل يقعد فخرج إليهم فقال قد عرفت الذي رأيت من صنيعكم فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة هذا لفظه وفي مسلم قريب منه والمصنف ساق الحديث في أبواب الإمامة لإفادة شرعية الجماعة في النافلة وقد تقدم معناه في التطوع