أنها تضر بجدران الجار منع منها وأما صوتها فقال مطرف وابن الماجشون في الغسال والضراب يؤذي جاره وقع صوته إنه لا يمنع وتحتمل رواية ابن القاسم الخلاف لأنه لم يبين وجه الضرر الذي يمنع منه ووجه الأول إنما ذاك في الصوت الضعيف الذي ليس له كبير مضرة أو ما لا يستدام وأما ما كان صوتا شديدا مستداما كالكمادين والقصارين والرحى ذات الصوت الشديد فإنه ضرر يمنع منه كالرائحة ولم يحك الصقلي غير نقل ابن حبيب عن الأخوين ولم يقيده بشيء ابن رشد ضرر الأصوات كالحداد والكماد والنداف حكى ابن حبيب أنه لا يمنع ورواه مطرف وذهب بعض الفقهاء المتأخرين إلى منع ضرر الصوت واحتج بقول سعيد بن المسيب لبرد اطرد هذا القارئ عني فقد آذاني ابن عرفة سمع أشهب كان عمر بن عبد العزيز حسن الصوت ويخرج في آخر الليل يصلي في المسجد فقرأ جهرا فقال سعيد بن المسيب لبرد اطرد هذا القارئ عني فقد آذاني فسكت برد فقال سعيد ويحك يا برد اطرد هذا القارئ عني فقد آذاني فقال له إن المسجد ليس لنا خاصة إنما هو للناس فسمع ذلك عمر فأخذ نعليه وتنحى ابن رشد أمر سعيد بطرد القارئ عنه يريد به من جواره لا من المسجد جملة ولم ينته لمكانه من الخلافة لجزالته وقوته في الحق وقلة مبالاته بالأئمة ولم يأنف عمر رضي الله تعالى عنه من قوله لفضله وانقياده للحق ابن عرفة انظر هذا مع قول مالك كان الناس في الزمن الأول يتواعدون لقيامهم لأسفارهم بقيام القراء بالمسجد بالأسحار تسمع أصواتهم من كل منزل واستدل به ابن عات على جواز رفع الصوت بالذكر في المساجد وقال ابن رشد استدل بعض الشيوخ بهذه الحكاية على أن الأصوات من الضرر الذي يجب الحكم بإزالته على الجار بقطعه عن جاره كالحدادين والكمادين والندافين وشبه ذلك وليس بدليل بين لأن ما يفعله الرجل في داره مما يتأذى به جاره بخلافه ما يفعله في المسجد من رفع صوته لتساوي الناس في المسجد ولو رفع رجل في داره صوته بالقراءة لما وجب لجاره منعه والرواية منصوصة في أنه