حتى يتباعد تباعدا بينا فلا خير فيه لأن من ذلك ما هو أضر بالجدر ومنها ما لا يضر فإذا اختلف هكذا لم يكن فيه خير ألا ترى أن من الحمولة ما لو سمى لنقبه لظهر الدابة لم يرض رب الدابة فيه بدينار واحد وآخر لخفة مؤنته على ظهر الدابة يكون كراؤه أقل من ذلك بما يتفاحش ألا ترى أن الرجل يكري دابته تركب يوما في الحضر فيكون غير كرائها تركب يوما في السفر وتكون الأرض الوعرة القليلة الكلأ والأخرى سهلة كثيرة الكلأ فيكون الكراء في ذلك مختلفا وإن رب الدابة والحانوت والمسكن باعوا من منافع الدابة ومنافع المساكن ما لا يدرون ما باعوا لاختلاف ذلك وأن ذلك خارج من أكرية الناس ألا ترى أنه يكتري ليحمل حنطة فيحمل مكانها شعيرا مثله أو سمسما فلا يكون مخالفا ولا يضمن إن عطبت الدابة وكذلك لو اكتراه على أن يحمل له شطويا فحمل عليها بغداديا أو بصريا أو ما اشبهه في نحوه وخفته وثقله لم يضمن ولو حمل رصاصا أو حجارة بثقل ذلك فعطبت ضمن لاختلاف ما بين ذلك فخذ هذا وما أشبهه على هذا الأصل قلت أرأيت إن تكاريت من رجل إلى مكة بمثل ما يتكارى الناس أيجوز ذلك في قول مالك أم لا قال قال مالك لا يجوز ذلك قلت أرأيت إن تكاريت إبلا إلى مكة بطعام مضمون ولم أذكر الموضع الذي أنقده فيه الطعام ولم أضرب لذلك أجلا وليس للناس في الكراء عندهم سنة يحملون عليها قال الكراء فاسد إذا كان بحال ما وصفت لك وكذلك لو أكراه بغلام مضمون أو بثوب مضمون وليس لهم سنة يحملون عليها فالكراء فاسد إلا أن يتراضيا فيما بينهما من ذي قبل على أمر حلال فينفذ فيما بينهما قلت أرأيت إن اكترى قوم مشاة إبلا إلى مكة ليحملوا عليها أزوادهم وشرطوا أن من مرض منهم حمله على الإبل قال هذا الكراء فاسد قلت أتحفظه عن مالك قال لا ولكنه رأيي قلت أرأيت إن تكاريت دابة من رجل على أن يبلغني موضع كذا وكذا إلى يوم كذا وكذا وإلا فلا كراء له قال لا خير في هذا عند مالك لأنه شرط شرطا لا يدري ما يكون له فيه من الكراء لأن هذا غرر