المذهب انتهى فقد ظهر لك أن مؤدى القولين المشهورين في التفريع واحد ومما يدل على ذلك أن التفاريع الآتية التي جزم بها المصنف وغيره إنما تتمشى على ذلك منها قوله وسقوطها في صلاة مبطل كذكرها فيها تنبيه هذا الذي ذكرناه من أن الخلاف إنما هو في التعبير بالسنية أو الوجوب إنما ذلك حيث أردنا بيان الراجح من المذهب وأما إن لم نرد ذلك فلا شك في وجود القول بعدم إعادة العامد أبدا على القول بأنها سنة كما ذكره القاضي عبد الوهاب في المعونة والباجي في المنتقى وعبد الحق في التهذيب وابن رشد في رسم المكاتب من سماع يحيى فإن قلت سيأتي أن في بطلان من ترك السنة عامدا قولين مشهورين فلعل ما ذكره هؤلاء أحد القولين المشهورين ويكون القول بعدم إعادة العامد أبدا هو المشهور الثاني قلت لم أر من ذكر في هذه المسألة بخصوصها ترجح القول بعدم إعادة العامد أبدا فإنما يذكرونه على أنه قول في المذهب والعمدة في كل مسألة على النصوص فيها لا على ما يتخرج فيها من الخلاف فتأمله فإن قلت لعل ثمرة الخلاف تظهر في تأثيم العامد على القول بالوجوب وعدم تأثيمه على القول بالسنية قلت صرح في المعونة بأن العامد آثم وإن قلنا إنها سنة وإنه لا يعيد أبدا وصرح بذلك الباجي في المنتقى وذكر في التوضيح عن المازري أنه ذكر عن القاضي عبد الوهاب الاتفاق على تأثيم من تعمد ترك الصلاة بها وقال البساطي في المغني نقل عن القاضي عبد الوهاب الإجماع على التأثيم واستشكل إذ هو من خصائص الوجوب وعندي أن التأثيم على مخالفة السنة وفي الواجب على ترك الفعل انتهى قلت ولعل هذا هو الموجب لعدم ترجيح القول بعدم إعادة العامد أبدا والله تعالى أعلم واعلم أن الطرق اختلفت في نقل المذهب في حكم إزالة النجاسة واقتصر المصنف على قولين مشهورين وذكر ابن عرفة في ذلك أربع طرق الأولى لابن القصار والرسالة والتلقين أنها واجبة بلا خلاف وما وقع في المذهبين الخلاف في إعادة المصلي بها فعلى الخلاف في شرطيتها الثانية للجلاب والقاضي عبد الوهاب في شرح الرسالة والبيان والأجوبة لا خلاف أنها سنة والخلاف في الإعادة مبني على الخلاف في الإعادة لترك السنن عمدا الثالثة للمعونة فيها روايتان بالوجوب والسنية الرابعة للخمي فيها ثلاثة أقوال الوجوب والسنية والثالث الوجوب مع الذكر والقدرة هو المشهور قلت تبع ابن عرفة في عزو الطريق الأولى للرسالة ابن الحاجب وليس كذلك لأنه ذكر فيها قولين بالوجوب والسنية فقال وطهارة البقعة للصلاة واجبة وكذلك طهارة الثوب النجس فقيل إن ذلك فيهما واجب وجوب الفرائض وقيل وجوب السنن المؤكدة وكذا اعترض الشيخ خليل على ابن الحاجب في عزوه الطريق الأولى للرسالة وفي عزو ابن عرفة الطريق الثانية للبيان نظر لأن كلامه المتقدم يقتضي الخلاف فيها وأن المشهور السنية واقتصر ابن عرفة على عزو الطريق الثانية للخمي وعزاها ابن الحاجب للخمي وغيره وقال في التوضيح وزاد ابن رشد قولا رابعا بالاستحباب تنبيه نقل في التوضيح كلام ابن رشد الأول وأسقط منه لفظة فسد بها المعنى فإنه نقل عنه أنه إن صلى بثوب نجس ناسيا أو جاهلا أو مضطرا أعاد في الوقت فيوهم أن حكم الجاهل بالحكم كالناسي ولفظ ابن رشد أو جاهلا بنجاسة كما تقدم وتبعه على هذا الشارح في الكبير والبساطي وغيرهما ولعل ذلك في النسخ التي وقفت عليها وقد راجعت منها نسخا متعددة فوجدتها كذلك وإنما أطلت الكلام في هذا لأني لم أر من استوفى الكلام عليها لأن كثيرا من الناس يفرعون على القول بالسنية الذي ذكره المصنف عدم إعادة العامد أبدا وليس عندي بصحيح لما علمته فتأمله منصفا