وكان في أول الأمر إنما يباح الشرب والأكل والجماع بعد الغروب إلى أن ينام المكلف أو يصلي العشاء فيحرم عليه جميع ذلك ثم وقع لقيس بن صرمة بكسر الصاد المهملة وسكون الراء أنه طلب من امرأته ما يفطر عليه فذهبت لتأتي له به فوجدته قد نام فأصبح صائما فغشي عليه في أثناء النهار فنزل قوله تعالى علم الله أنكم الآية وروي أن عمر رضي الله عنه أراد وطء امرأته فزعمت أنها نامت فكذبها ووطئها ثم خون نفسه وذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وذكر ذلك جماعة من الصحابة عن أنفسهم فنزل قوله تعالى علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم الآية ويحتمل أن الأمرين سبب لنزولها فأبيح جمع ذلك من غروب الشمس إلى طلوع الفجر وحكمة مشروعية الصوم هو مخالفة الهوى لأنه يدعو إلى شهوتي البطن والفرج وكسر النفس وتصفية مرآة العقل والاتصاف بصفة الملائكة والتنبيه على مواساة الجائع والله أعلم باب يثبت رمضان بكمال شعبان يعني أن رمضان يثبت بأمرين أحدهما الرؤية وسيأتي الكلام عليها والثاني إكمال شعبان ثلاثين يوما وذلك إذا لم ير الهلال لغيم أو نحوه وكذلك الحكم في غير رمضان من الشهور ولو توالى الغيم في شهور متعددة فقال مالك يكملون عدة الجميع حتى يظهر خلافه اتباعا للحديث ويقضون إن تبين لهم خلاف ما هم عليه فإن حصل الغيم في رمضان وما قبله من الشهور فكملوها ثلاثين ثلاثين ثم إن رأوا هلال شوال ليلة ثلاثين من رمضان لم يقضوا شيئا لجواز أن يكون رمضان ناقصا فإن رأوا شوالا ليلة تسع وعشرين من رمضان قضوا يوما واحدا وإن رأوه ليلة ثمان وعشرين قضوا يومين وإن رأوه ليلة سبع وعشرين قضوا ثلاثة أيام والله أعلم ونقله في الذخيرة تنبيهان الأول في كلام المصنف جواز استعمال رمضان من غير ذكر الشهر وهو الصحيح كما صرح بذلك القرطبي في تفسيره وابن الفرس في أحكام القرآن كما يفهم من كلام صاحب الطراز والقرافي والجزولي وقال في الإكمال في كتاب الإيمان في شرح قوله صلى الله عليه وسلم وتصوم رمضان أنه يرد قول من كره أن يقال صمنا رمضان حتى يقال شهر وقال إنه اسم من أسماء الله تعالى وهو لا يصح وحكى الباجي عن القاضي أبي بكر بن الطيب أنه قال إنما يكره ذلك فيما يلبس مثل جاء رمضان ودخل رمضان وأما صمنا رمضان فلا بأس به انتهى وقال القرطبي قوله وتصوم رمضان فيه دليل على جواز قول القائل رمضان من غير إضافة الشهر إليه خلافا لمن يقول لا يقال إلا شهر رمضان تمسكا في ذلك بحديث لا يصح ثم ذكر كلام الإكمال قال في المتيطية اختلف هل يقال جاء رمضان فذهبت طائفة إلى أن ذلك لا يجوز وقال بعضهم بجوازه لحديث أبي هريرة إذا دخل رمضان انتهى وظاهر كلامه أن الخلاف في الجواز وعدمه والذي يقتضيه كلام الإكمال أن الخلاف إنما هو في الكراهة وهو الظاهر كما سيأتي في كلام النووي وقال في الإكمال في كتاب الصوم نحو ما تقدم عنه في كتاب الإيمان وذكر الدميري من الشافعية في شرح سنن ابن ماجه وابن حجر في شرح البخاري أن مذهب مالك أنه لا يجوز أن يقال رمضان وتبعا في ذلك النووي فإنه قال في شرح مسلم في كتاب الصوم في هذه المسألة ثلاثة مذاهب قالت طائفة لا يقال رمضان على انفراده بحال وإنما يقال شهر رمضان وهذا قول أصحاب مالك وغيرهم وقال أكثر أصحابنا وابن الباقلاني إن كان هنالك قرينة تصرف إلى الشهر فلا كراهة وإلا فتكره والمذهب الثالث مذهب البخاري والمحققين أنه لا كراهة في إطلاق رمضان