أبي طالب لما وجد عليه من الحزن والإشفاق وقد روي عن مالك رحمه الله أن للرجل أن يعزي جاره الكافر بموت أبيه الكافر لذمام الجوار فيقول أخلف الله لك المصيبة وجزاه أفضل ما جرى به أحدا من أهل دينه فالمسلم بالتعزية أولى وهو بذلك أحق وأحرى والآية التي احتج بها مالك منسوخة قال عكرمة أقام الناس بالتعزية أولى وهو بذلك أحق وأحرى والآية التي احتج بها مالك منسوخة قال عكرمة أقام الناس برهة لا يرث المهاجري الأعرابي ولا الأعرابي المهاجري لقول الله عز وجل والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا فنزلت وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض فاحتج بالمنسوخ وذلك إنما يجوز على القول بأن الأمر إذا نسخ وجوبه جاز أن يحتج به على الجواز وفي ذلك بين أهل العلم اختلاف وبحث واعتلاله بامتناع الميراث ضعيف إذ قد يعزى الحر بالعبد وهما لا يتوارثان ولو استدل بقول الله عز وجل والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض وبقوله تعالى لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم الآية لكان أظهر وإن لم يكن دليلا قاطعا للمعاني التي ذكرناها والله أعلم وبالله التوفيق انتهى ونقله صاحب التوضيح وابن عرفة باختصار ونص ابن عرفة وفي تعزية المسلم بأبيه الكافر قولان لابن رشد مع تخريجه على قول سحنون ومالك بتعزية الكافر بجوازه بأبيه وسماع ابن القاسم وعلى الأول قال مالك يقول بلغني مصابك بأبيك ألحقه الله بأكابر أهل دينه وخيار ذوي ملته وسحنون يقول أخلف الله لك المصيبة وجزاك أفضل ما جزى أحدا من أهل دينه قلت في الأول إيهام كون أهل ملته بعد هذه الملة في سعادة وإلا كان دعاء عليه ابن رشد تعزية المسلم بأبيه الكافر بالدعاء له بجزيل الثواب في مصابه ويهون مصابه بمن مات للأنبياء من قريب وأب كافر لا بالدعاء للميت قلت في التعزية بمن مات للأنبياء نظر انتهى كلام ابن عرفة واستفيد منه أن القولين إنما هما في تعزية المسلم بوليه الكافر الأول منهما أنه يعزى به هو قول ابن رشد وتخريجه له على قول مالك وسحنون في تعزية الكافر بوليه الكافر جواره والثاني أنه لا يعزى به وهو قول مالك في سماع ابن القاسم المذكور وأما المسألة المخرج عليها وهي تعزية الكافر بوليه الكافر بجواره فليس فيها إلا قول مالك وسحنون أنه يعزى به وكلام الشيخ زروق في شرح الإرشاد موافق لكلام ابن عرفة فإنه صدر في أول كلامه بتعزية الكافر في وليه ولم يحك فيه خلافا ثم حكى في آخر كلامه القولين في تعزية المسلم لوليه الكافر ونصه ويعزى الكافر والحر والعبد والصغير والكبير ويعزى من النساء بالأم خاصة ولا يعزى مسلم بكافر على الأصح وقيل يعزى لأن مصيبته بموته كافرا أعظم انتهى وتبع في التصحيح بعدم تعزيته صاحب الشامل ونصه ويعزى من النساء بالدم خاصة لا مسلم بكافر على الأصح انتهى وظاهر كلام سند المتقدم أنه حمل قول سحنون ويعزى الذمي بوليه لأنه لا فرق فيه بين أن يكون وليه المعزى به مسلما أو كافرا لأنه إنما ذكر استحقاق تعزية المسلم بالكافر إذا كان للمسلم به منفعة عظيمة استدل على ذلك بتعزية الذمي بالمسلم وبالذمي انتهى واستشهد على ذلك بكلام سحنون كما تقدم في كلامه ولا يقال إن قوله وكما يعزى الذمي بالمسلم والذمي بالذمي من بقية قول الشافعي بدليل أنه لم ينقل كيفية تعزيته به في آخر كلامه إلا عنه لأنه لو كان من بقية كلام الشافعي لقال ويعزى به كما يعزى الذمي بالمسلم ولم يأت بالواو ولا يلزم من نقل كيفية تعزيته به عن الشافعي أن ذلك من تتمة كلامه لأنه لم ير نصا لأهل المذهب في كيفية تعزيته وقد تقدم أن التعزية لا تختص بلفظ من الألفاظ بل بقدر ما يحضر الرجل وبقدر منطقه فلما رأى النص في كيفيتها للشافعي نقل ذلك عنه ويعزى الكافر وهو ظاهر لأنه إذا عزى بوليه الكافر فلأن يعزى بوليه المسلم من باب أولى والله أعلم فائدة قال في النوادر ناقلا عن غير ابن حبيب وقد أمر الله بالاسترجاع للمصاب فقال الذين إذا أصابتهم مصيبة الآية وما تضمنه كلام سند هو ظاهر إطلاق قول