يوقن أن رطوبة النجاسة قد ذهبت جملة ولم يبق إلا رطوبة الماء فيكون كالعظم البالي وسيأتي في مسألة القملة ما يؤيده أيضا ومن ذلك ما في سماع أشهب عن مالك في المغتسل يتجفف بالثوب فيه الدم قال إن كان يسيرا لا يخرج بالتجفيف منه شيء فلا شيء عليه وإن كان يخاف أن التجفيف بله فأخرج منه ما أصاب جسده غسله وقبله ابن رشد ص ودم مسفوح ش أي سائل ص ولو من سمك ش اختلف الناس في السمك هل له دم أم لا فقال بعضهم لا دم له والذي ينفصل عنه رطوبة تشبه الدم لا دم ولذلك لا تسود إذا تركت في الشمس كسائر الدماء بل تبيض قال ابن الإمام وليس ذلك بصحيح لأن عدم اسوداده لو سلم من كل السمك فذلك لما خالطه من الرطوبة لا لأنه ليس بدم انتهى والمشهور أن دمه كسائر الدماء مسفوحه نجس وغير مسفوحه طاهر ومقابل المشهور أنه طاهر مطلقا وهو قول القابسي واختاره ابن العربي انتهى من التوضيح قال في الجواهر وقال ابن العربي لمالك فيه قولان والصحيح أنه طاهر ولو كان نجسا لشرعت ذكاته واعلم أن الخلاف في دمه إنما هو إذا سال وأما قبل ذلك فلا يحكم بنجاسته ولا يؤمر بإخراجه فقد قال مالك في سماع ابن القاسم لا بأس بإلقائه في النار حيا وقال في سماع أشهب أكره ذلك كراهة غير شديدة قال ابن رشد ووجه الكراهة أن الحوت مذكى فالحياة التي تبقى فيه كالحياة التي تبقى في الذبيحة بعد ذبحها فيكره في كل واحدة ما يكره في الأخرى انتهى وقال مالك في ترس الماء وقيل له إنه يعيش أياما ما أراه إلا من صيد البحر وما أرى ذبحه إلا أن يتعجلوا بذلك موته فلا أرى بذلك بأسا إلا أن يشكل أمره على الناس انتهى ص وذباب ش تقدم أن هذا لا يعارض الحكم عليه بأنه لا نفس له سائلة لأن ذا النفس السائلة هو ما له دم غيره منقول والذباب كغراب واحد الذباب بالكسر كغربان قال في الصحاح والواحد ذبابة بموحدتين ولا يقال ذبانة بالنون ومنع ابن سيده أن يقال ذبابة أيضا قال الذباب هو الواحدة والله أعلم إلا أنه ليسارة دمه لا يقطع الصلاة منه إلا ما كثر والله أعلم ص وسوداء ش قالسند هي مائع أسود يكون كالدم وهذه صفة النجاسات ص ورماد نجس ودخانه ش هذا ظاهر المذهب أن دخان النجاسة نجس قال في البيوع الفاسدة من المدونة ولا يطبخ بعظام الميتة ولا يسخن بها ماء لوضوء أو عجين قال ابن يونس عنابن حبيب ومن فعل ذلك جهلا لم يحرم عليه أكل الطعام ولم ينجس الماء قال أبو الحسن وهو أيضا في المدونة وهذا إذا كان الدخان لا ينعكس فيما طبخ أو سخن وأما إن كان ينعكس فإن الطعام لا يؤكل والماء لا ينجس انتهى وقالابن عرفة اللخمي انعكاس دخان ميتة في طعام أو ماء ينجسه انتهى ولابن رشد في رسم المحرم من سماع ابن القاسم من كتاب الوضوء خلاف ذلك قال في شرح قوله لا يؤكل الخبز الذي يوقد بأرواث الحمير وأما ما طبخ في القدور فأكله خفيف ويكره بدأ ولا يوقد بعظام الميتة لطعام ولا شراب ابن رشد لأن الخبز قد خالطه من عين نجاسة الروث وسرى فيه وأما ما طبخ في القدور ولم يصل إليه من عين النجاسة شيء وإنما كره من أجل ما يصل إليه من دخان الروث النجس لما فيه من الشبهة من أجل من يقول إن الدخان نجس وإن لم يكن عندنا نجسا انتهى فجزم ابن رشد هنا بعدم نجاسته ولم يحك في ذلك خلافا ونقله عند المصنف في التوضيح في باب البيوع وابن عرفة وقبلاه ولم ينبها عليه ولابن رشد في سماع سحنون من كتاب الصلاة في قول ابن القاسم لا بأس أن يتبخر بلحوم السباع إذا كانت ذكيت وإن كانت ميتة ولم يكن دخانها يعلق بالثياب كما يعلق دخان عظام الميتة فلا بأس به وأرجو أن يكون خفيفا وإن كان يعلق بالثياب فلا يعجبني ابن رشد حكم دخان