فلا يكون للنزح معنى فرع يكفي النزح قبل إخراج الميتة كما ذكر البرزلي عن أبي حفص العطار في بئر بجوار أفران استقوا منها كثيرا لعجنهم ثم استقى شخص آخر وعجن ثم طلع له فأرميتة فقال لا شيء على هذا الأخير لأن الذين قبله قد نزحوه وطيبوه وقوله بقدرهما يعني أن الماء الذي ينزح ليس له حد محدود عند مالك بل يختلف ذلك بقدر الماء والميتة ولذلك ثني الضمير وكذلك أيضا يختلف النزح باختلاف طول إقامة الحيوان في الماء وقلة ذلك وكان ينبغي للمصنف أن ينبه على ذلك قال ابن الإمام في شرح ابن الحاجب وليس لمقدار ما ينزح حد لاختلافه باختلاف ما مات من صغير وطول إقامة وقلة الماء ومقابلها وكذلك لم يحده مالك ولا أحد من أصحابه غير أنه كما قال القاضي كلما كثر النزح كان أحب إليهم وأولى وأبلغ وأحوط قال ابن بشير وما وقع في بعض الروايات من تحديد المراق بأربعين لا أصل له وإنما ذلك لئلا يكثر العامي الموسوس أو يقلل المتساهل ولهذا روي عن ابن الماجشون أنه استفتاه قوم في مثل هذا فقال انزعوا منها أربعين خمسين ستين دلوا ثم قال إنما قلت لهم ليعملوا أنه أقل ما يجزيهم والأكثر أحب إلي ولو قلت لهم خمسين لأبطلت تسعة وأربعين وهي مثلها ومنعتهم عن ستين وهي أبلغ وقوله لا إن وقع ميتا أي فلا يستحب النزح كما تقدم يريد إلا إذا تغير الماء ص وإن زال تغير التجس لا بكثرة مطلق فاستحزن الطهورية وعدمها أرجح ش يعني أن الماء إذا تغير بالنجاسة ثم زال تغيره فلا يخلو إما أن يكون بمكاثرة ماء مطلق خالطه أم لا فالأول طهور باتفاق قاله في التوضيح وذلك كالبئر ينزح منها حتى يزول التغير وكالصهريج يتغير بميتة فيترك حتى يكثر ماؤه بمطر ونحوه وقد جهل أبو محمد بعضهم في قوله في ماجل قليل الماء وقعت فيه فأرة يطين حتى يكثر ماؤه ثم يشرب قال فإن فعل شرب وتجهيله في تأخير طرحه والثاني إما أن يكون بإلقاء شيء فيه غير الماء ولم يذكره المصنف وسيأتي حكمه أو من نفسه فلا شيء ومنه ما إذا نزع من الماء الذي لا مادة له بعضه فزال تغيره فذكر المصنف تبعا لابن الحاجب وابن شاس وابن بشير وغيرهم في طهوريته قولين استحسن بعض الشيوخ القول بالطهورية ورجح ابن يونس عدم الطهورية فاعترض عليه ابن غازي فيما ذكره عن ابن يونس وفي التوضيح بأنه لم يوجد في كلامه إلا الكلام على حكم زوال النجاسة إذا زال عينها بالماء المضاف وسيأتي وذكر ابن مرزوق في شرحه على المختصر نحو ذلك وقال ما معناه إن المصنف إن حمل كلام ابن يونس على نفس ما نحن فيه فهو وهم وإن أراد أن يقيسه عليه فبعيد وقدر رأيت من كلام ابن مرزوق شرح الفصلين الأولين من المختصر وفيه نحو ما ذكره ابن غازي وقالابن غازي لم يعرف ذلك الإمام ابن عرفة من نقل ابن يونس ولا غيره ممن قبل ابن بشير فقال وقول ابن بشير في طهورية النجس يزول بغيره بلا نزح قولان لا أعرفه فبقي وجدان القولين معا في المذهب وإن كان لا يلزم من عدم الوجدان عدم الوجود ولا يلتفت لما حكى الشيخ أبو زيد القابسي من رد بعضهم على ابن عرفة بقول ابن يونس لأن الراد مقلد لخليل في نقله كالشارح نعم أغفل ابن عرفة ما ذكر ابن رشد في رسم القسمة من سماع عيسى وذكر بعض كلام ابن رشد ولنأت بأكثر مما يتضح به المقصود قال وسئل ابن وهب عن الجب من ماء السماء تموت فيه الدابة وتنشق والماء كثير لم يتغير منه إلا ما كان قريبا منها فلما أخرجت وحرك الماء ذهبت الرائحة هل يتوضأ به ويشرب قال إذا خرجت الميتة فلينزح منه حتى يذهب دسمها والرائحة واللون إن كان به لون إذا كان الماء كثيرا على ما وصفت طاب إذا فعل ذلك به قالابن القاسم لا خير فيه ولم أسمع مالكا رخص فيه قط ابن رشد قول