قول مالك في الإقامة فمرة استحسنها ومرة لم يستحسنها قال في سماع أشهب ما سمعت ذلك قال أفأحب إليك أن تقيم قال ما آمرها بذلك انتهى ورأيت الشبيبي في شرح الرسالة حكى ثلاثة أقوال كما فعل المصنف في التوضيح وعزا القول بالكراهة لسماع أشهب وبحث الشارح في الكبير في جعل قول ابن عبد الحكم ثالثا وقال هو راجع لقول ابن القاسم فيما يظهر لأنه إنما نفى اللزوم ولا يلزم منه نفي الاستحباب فلا يكون ثالثا انتهى وما قاله ظاهر وعلى ذلك فهمه ابن عرفة لكنه لم يجعل مقابل المشهور الكراهة وإنما جعل مقابله عدم الاستحباب ونصه وفيها لا أذان على امرأة ولا إقامة وإن أقامت فحسن وهو في الجلاب عن ابن عبد الحكم وروي في الطراز عدم استحسانها إذ لم تر وعن أزواجه صلى الله عليه وسلم انتهى قلت كلام الشارح وابن عرفة يقتضي أن قول ابن القاسم وابن عبد الحكم متحدان وكلام ابن الحاجب يدل على أنهما متغايران كما نقل في التوضيح لكن يمكن حمل كلام ابن عبد الحكم على أنه موافق لكلام أشهب وليس ثالثا انتهى تنبيهات الأول الفرق بين الأذان والإقامة حيث لم يطلب الأذان من المرأة لأنه شرع للإعلام بدخول الوقت والحضور للصلاة والإقامة شرعت لإعلام النفس بالتأهب للصلاة فلذلك اختص الأذان بمن ذكر وشرعت الإقامة للجميع الثاني إذا صلى الصبح لنفسه فإنه يؤمر بالإقامة قال في النوادر قال ابن القاسم عن مالك في المجموعة وإن صلى الصبح لنفسه فليقم ونقله صاحب الطراز وابن عرفة الثالث قوله سرا لم أر من صرح بتخصيص المرأة بالسر بل ظاهر كلامهم أن المطلوب في إقامة المنفرد أن يكون سرا في المدونة قال ابن المسيب وابن المنكدر ومن صلى وحده فليسر الإقامة في نفسه قال ابن ناجي قال قال بعضهم لم يوجد لمالك خلاف وقبله ابن هارون قال المغربي وظاهر الكتاب أن الإسرار مطلوب وإليه ذهب أبو عمران قائلا مخافة أن يشوش على من عسى أن يكون قد يصلي هناك واختصره ابن يونس فلا بأس أن يسر الإقامة في نفسه وينبغي أن تكون هناك لا بأس لما هو خير من غيره فيكون وفاقا لاختصار البراذعي قال ابن الحاجب وإسرار المنفرد حسن قال ابن هارون هكذا وقع في المدونة وفيه نظر لاحتمال أن يريد وغير الإسرار وهو الجهر أحسن لقول أبي محمد عن أشهب أحب إلي رفع الصوت بالإقامة ولم يحفظه ابن عبد السلام بل قال لو اختير فيها رفع الصوت لكان أحسن لأن الشيطان إذا سمع التثويب أدبر ومباعدة الشيطان مطلوبة لا سيما في هذه الحال انتهى قلت ظاهرة أن أشهب يخالف في إقامة المنفرد ويرى الجهر بها أولى ولم أر من صرح بذلك إلا ما يفهم من كلام ابن عرفة فإنه قال ابن المسيب وابن المنكدر يسرها المنفرد في نفسه الشيخ عن أشهب أحب إلي رفع الصوت بالإقامة انتهى وليس في كلام ابن أبي زيد في النوادر التصريح بذلك بل ظاهر كلامه الذي حكاه عن أشهب إنما هو في الجماعة قيل لأشهب أيؤذن على المنار أو في سطح المسجد قال أحب إلي من الأذان أسمعه للقوم وأحب إلي في الإقامة أن تكون في صحن المسجد وقرب الإمام وكل واسع وأحب إلي أن يرفع صوته بالأذان والإقامة انتهى ولهذا لم يذكر صاحب الطراز لما تكلم على مسألة المدونة فيه ذلك خلافا بل قال إن الإقامة شرعت أهبة للصلاة بين يديها تفخيما لها كغسل الإحرام وغسل الجمعة فحسن أن يقال فيها من أقام في المسجد بعدما صلى أهله لا يجهر بذلك لما فيه من اللبسة والدلسة ولأنه إذا سمع منه ذلك مرارا يظن به الخروج عن رأي الإمام وعما عليه الجماعة وأنه يتعمد أن يصلي وحده انتهى فتأمله وقال الشبيبي في شرح الرسالة وفي صفة الإقامة أن تكون جهرا للجماعة سرا للفذ والله تعالى أعلم الرابع قال