وفي النوادر قال علي بن زياد عن مالك وتنحنح المؤذن في السحر محدث وكرهه انتهى وقال في البرهان البقاعي الشافعي إن التسبيح مشروع لانطلاق علة الأذان عليه وهو قوله صلى الله عليه وسلم لا يمنعن أحدا منكم أذان بلال من سحوره فإنه يؤذن ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم رواه الستة إلا الترمذي وأيضا فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال يا أيها الناس اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه رواه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح والحاكم وصححه انتهى ورد عليه الحافظ السخاوي بأن شيخ الإسلام أعلم المتأخرين بالسنة الحافظ ابن حجر لما نقل عن بعض الحنفية أن النداء قبل الفجر لم يكن بألفاظ الأذان وإنما كان تكبيرا أو تسبيحا كما يقع للناس اليوم قال هذا مردود لأن الذي يصنعه الناس اليوم محدث قطعا وقد تظافرت الطرق على التعبير بلفظ الأذان فحمله على معناه الشرعي مقدم ولو كان الأذان الأول بألفاظ مخصوصة لما التبس على السامعين ومساق الخبر يقتضي أنه خشي عليهم الالتباس وذكر أيضا عن المنير أن حقيقة الأذان جميع ما يصدر عن المؤذن من قول أو فعل وهيئة وقال إنه غريب قال ولو كان على ما أطلق لكان ما أحدث من التسبيح قبل الصبح وقبل الجمعة ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من جملة الأذان وليس كذلك لا لغة ولا شرعا انتهى والحاصل أن التسبيح والتذكير محدث قطعا وإنما الخلاف هل هو بدعة حسنة أو مكروهة فقال كثير من العلماء إنه بدعة حسنة في آخر الليل واختلفوا في فعله في نصف الليل كما تقدم والله تعالى أعلم ورد السخاوي على البقاعي في قوله إن حديث الترمذي صحيح وقال إنه ليس في نسخته من الترمذي أنه صحيح قال وليس ذلك في نسخة ابن حجر ولا العراقي وفي صحيح الحاكم له منازع فرع قال في المدخل وكذلك ينبغي أن ينهاهم الإمام عما أحدثوه من صفة الصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم عند طلوع الفجر ثم ذكر أنهم أحدثوا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في أربع مواضع لم يكن يفعل فيها في عهد من مضى مع أنها قريبة العهد بالحدوث وهي عند طلوع الفجر من كل ليلة وبعد أذان العشاء ليلة الجمعة وبعد خروج الإمام في المسجد يوم الجمعة ليرقى المنبر وعند صعود الإمام عليه والكل في الأحداث قريب من قريب أعني في زماننا هذا انتهى وقال السخاوي في القول البديع أحدث المؤذنون الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب الأذان للفرائض الخمس جلا الصبح والجمعة فإنهم يقدمون ذلك قبل الأذان وإلا المغرب فلا يفعلونه لضيق وقتها وكان ابتداء حدوثه في أيام الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وبأمره وذكر بعضهم أن أمر الصلاح بن أيوب بذلك كان في أذان العشاء ليلة الجمعة ثم إن بعض الفقراء زعم أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يقول للمحتسب أن يأمر المؤذنين أن يصلوا عليه عقب كل أذان فسر المحتسب بهذه الرؤيا فأمر بذلك واستمر إلى يومنا هذا وقد اختلف في ذلك هل هو مستحب أو مكروه أو بدعة أو مشروع واستدل للأول بقوله وافعلوا الخير ومعلوم أن الصلاة والسلام من أجل القرب لا سيما وقد تواترت الأخبار على الحث على ذلك مع ما جاء في فضل الدعاء عقبه والثلث الأخير وقرب الفجر والصواب أنه بدعة حسنة وفاعله بحسب نيته انتهى قلت وقد أحدث بعض المؤذنين بمكة بعد الأذان الأول للصبح أن يقول يا دائم المعروف يا كثير الخير يا من هو بالمعروف معروف يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا وذكر البرهان البقاعي أنه حصل بين فقهاء مكة اختلاف في إنكار ذلك وفتنة عظيمة بحيث كادوا يقتتلون ثم إنه أحدث في مصر في سنة إحدى وسبعين وأنكر ذلك وبالغ في ذلك فألف فيه جزأ سماه