في درج الفلك الذي يقتضي أن درج الشمس قريب من الأفق قربا يقتضي أن الفجر طلع أمروا الناس باللاة والصوم مع أن الأفق قد يكون صاحيا لا يخفى فيه طلوع الفجر لو طلع ومع ذلك فلا يجد الإنسان للفجر أثرا ألبتة وهذا لا يجوز إنما نصب الشارع سبب وجوب الصلاة طلوع الفجر فوق الأفق ولم يظهر فلا تجوز الصلاة حينئذ وكذلك القول في بقية إثبات أوقات الصلوات ثم قال فإن قلت هذا جنوح منك إلى أنه لا بد من الرؤية في أوقات الصلاة وأنت قد فرقت بينها وبين رؤية الأهلة بالرؤية وعدمها وقلت السبب في الأهلة الرؤية وفي أوقات الصلاة تحقق الوقت دون رؤيته فحيث اشترطت الرؤية فقد أبطلت ما ذكرت قلت هذا سؤال حسن والجواب عنه أني لم أشترط الرؤية في الأوقات لكن جعلت عدم اطلاع الحس على الفجر دليلا على عدمه وأنه في نفسه لم يتحقق لأن الرؤية هي السبب ففرق بين كون الحس سببا وبين كونه دالا على عدم السبب ففي الفجر جعلته دليلا على عدم السبب لأني اشترطت الرؤية فلو كان حسابهم يظهر معه الفجر في الصحو ويخفى في الغيم لم استشكله لكني لما رأيت حسابهم في الصحو لا يظهر معه الفجر علمت أن حسابهم يعارض عدم السبب انتهى وهو كلام حسن يشير فيه إلى أن الذي علق به الوجوب في الزوال هو ما يظهر للناس لا الزوال الذي لا يدرك بالحس وإنما يدرك بالحساب غير أنه لا يشترط في الزوال الذي يظهر للناس رؤيته فإذا تحقق بطريق من الطرق أنه قد حصل الزوال المذكور بحيث إنه لو تأمل الحس لأذكره كفى ذلك ولو كان هنا غيم يمنع من رؤيته وكذا القول في غروب الشمس والشفق وطلوع الفجر بل ذكر القرافي في كتاب اليواقيت في علم المواقيت وهو كتاب يشتمل على مسائل تتعلق بأوقات الصلاة وبالأهلة والمشهور أن بعض الأولياء ادعى أنه سمع حركة الشمس للزوال فصلى هو وجماعة الظهر ولم تزل الشمس في رأي العين إلا بعد ذلك فأنكر عليه الصلاة في تلك وقال إن الحق أنه يجب قضاؤها لأن الله سبحانه وتعالى كلف بالصلاة بالرؤية الظاهرية ولا يكون الزوال الذي لا تطلع عليه إلا الملائكة وخواص الأولياء بطريق الكشف سببا للتكليف ألبتة قال ولو طار ولي الله تعالى إلى جهة السماء قبل طلوع الفجر بساعة فإنه يرى الفجر في مكانه بل ربما رأى الشمس ومع ذلك يحرم عليه صلاة الصبح حينئذ لأن الفجر الذي نصبه الله تعالى سببا لوجوب الصبح إنما هو الفجر الذي نراه على سطح الأرض فتحصل من هذد أنه إذا علم دخول الوقت بشيء من الآلات القطعية مثل الاسطرلاب والربع والخيط المنصوب على خط وسط السماء فإن ذلك كاف في معرفة الوقت وإذا أراد أن يعتمد على مجرد رؤية المنازل طالعة أو متوسطة فلا بد أن يتربص حتى يتيقن دخول الوقت لأن مجرد رؤية المنزل طالعة أو متوسطة لا تفيد بمعرفة الوقت تحقيقا إنما هو تقريب بخلاف ما إذا علم توسط كوكب معلوم بالخيط المذكور وعلم مطالعة وأنه يتوسط عند طلوع الفجر أو العشاء فهذا يفيد معرفة دخول الوقت تحقيقا فيعتمد ذلك وسيأتي في كلام البرزلي ما يدل على ذلك الثاني يجوز تقليد المؤذن العدل العارف وقبول قوله مطلقا أي في الصحو والغيم قاله صاحب الطراز وصاحب الذخيرة والبرزلي وابن يونس وغيرهم قال في الطراز لما تكلم على وقت الظهر ويجوز أن يقلد في الوقت من هو مأمون على الأوقات كما تقلد فيه أئمة المساجد ولم يزل المسلمون من جميع الأعصار في سائر الأمصار يهرعون إلى الصلاة عند الإقامة من غير أن يعتبر كل من يصلي قياس الظل انتهى وقال في الذخيرة قال في الطراز ويجوز تقليد المأمون كأئمة المساجد لأنه لم يزل المسلمون يهرعون للصلاة عند الإقامة من غير اعتبار