شرع رحمة الله يتكلم على بيان الوقت المختار للصلوات الخمس وبدأ بالظهر لأنها أول صلاة صلاها جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم وكذلك فعل جماعة من المصنفين ومنهم من بدأ بالصبح لأنها الوسطى ولأنها في أول النهار وسميت الظهر لأن وقتها أظهر الأوقات لأنه يعرف بزيادة الظل وقيل لأنها أول صلاة ظهرت في الإسلام ولذلك تسمى الأولى وقيل لأنها تصلى في وقت الظهيرة أي شدة الحر ولذلك تسمى صلاة الهجيرة لأنها تصلى في وقت الهاجرة وهي شدة الحر وذكر المصنف رحمه الله تعالى أن أول وقتها زوال الشمس أي ميلها عن وسط السماء ويعرف ذلك بزيادة الظل لأن الظل في أول النهار يكون ممتدا ولا يزال ينقص ما دامت الشمس في جهة المشرق إلى أن تصير الشمس في وسط السماء فإذا مالت الشمس إلى جهة المغرب أخذ الظل في الزيادة وذلك هو الزوال ولا بد أن يزيد الظل زيادة بينة فحينئذ يدخل وقت الظهر فإن الزوال عند أهل الميقات يحصل بميل مركز الشمس عن خط وسط السماء والزوال الشرعي إنما يحصل بميل قرص الشمس عن خط وسط السماء وكذلك للغروب ميقاتي وشرعي فالميقاتي غروب مركز الشمس والشرعي غروب جميع قرص الشمس وكذلك الشروق الميقاتي هو شروق مركز الشمس والشرعي شروق أول حاجب الشمس ويحصل الشرعي من ذلك كله بعد الاصطلاحي بنحو نصف درجة وذلك قدر قراءة قل هو الله أحد ثلاثين مرة قراءة معتدلة مع البسملة في كل مرة وإذا تبينت زيادة الظل فقد مضى هذا المقدار يقينا ونقل الأبي عن صاحب القوت أنه قال الزوال ثلاثة زوال لا يعلمه إلا الله تعالى وزوال تعلمه الملائكة المقربون عليهم السلام زوال تعرفه الناس قال وجاء في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم سأل جبريل عليه السلام هل زالت الشمس فقال لا نعم فقال ما معنى لا نعم قال يا رسول الله قطعت الشمس من فلكها بين قولي لا نعم مسيرة خمسمائة عام انتهى وقوله لآخر القامة يعني أن وقت الظهر المختار ممتد من الزوال إلى آخر القامة الأولى والمراد بذلك أن يصير ظل كل شيء مثله بعد ظل الزوال وإنما قال لآخر القامة لأنه جرت عادة الفقهاء بالتعبير بالقامة لأنها لا تتعذر وإلا فكل قائم يشاركها في ذلك والأصل في تحديد أوقات الاختيار ما رواه أبو داود والترمذي من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمني جبريل عند البيت مرتين فصلى بي الظهر في الأولى منهما حين كان الظل مثل الشراك ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثل ظله ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم ثم صلى العشاء حين غاب الشفق ثم صلى الفجر حين بزغ الفجر وحرم الطعام على الصائم وصلى المرة الثانية الظهر حين كان ظل كل شيء مثله لوقت العصر بالأمس ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه ثم صلى المغرب لوقته الأول ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل ثم صلى الصبح حين أسفرت الشمس ثم التفت جبريل ثم قال يا محمد هذا وقت الأنبياء قبلك والوقت فيما بين هذين الوقتين قال الترمذي حديث حسن وهذا لفظه وبزق بالزاي أي بزغ ورواه الترمذي والنسائي من حديث جابر بمعناه وفيه فصلى الظهر حين زالت الشمس قدر الشراك قال الترمذي هو حديث حسن قال وقال البخاري هو أصح شيء في المواقيت وقوله في الرواية الأولى مثل الشراك هو السير الذي يكون على وجه النعل وهو كناية عن أول ظهور الظل وقوله حين وجبت الشمس أي سقطت بالغروب فائدة ذكر الغزالي هذا الحديث بلفظ أمني عند باب البيت فاعترضه النووي بأنه ليس في الكتب المشهورة قال شيخ شيوخنا الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي وليس اعتراضه جيدا لأن هذا اللفظ رواه