الله في الإحياء لما ذكر مذهب الإمام الشافعي رحمه الله في اشتراط بلوغ الماء قلتين ما نصه هذا مذهب الشافعي رحمه الله وكنت أود أن مذهبه كمذهب مالك في أن الماء وإن قل فلا ينجس إلا بالتغير إذ الحاجة ماسة إليه ومثار الوسواس اشتراط القلتين ثم استدل على عدم اشتراط القلتين بالحديث المتقدم وبإصغائه صلى الله عليه وسلم الإناء للهرة وبوضوء عمر رضي الله عنه من جرة نصرانية وبغير ذلك ثم قال هو يعني حديث القلتين تمسك بالمفهوم فيما لم يبلغ قلتين وترك المفهوم بأقل من الأدلة التي ذكرناها ممكن انتهى وحكى ابن عبد السلام أيضا قولا بأنه ليس له حد بمقدار بل بالعادة ومقتضى كلام ابن بشير أن اليسير هو الذي إذا حرك أحد طرفيه تحرم الآخر في الحال فإنه قال إن كان المخالط نجسا فإن غير لون الماء أو طعمه كان نجسا بإجماع وإن غير ريحه فكذلك على المشهور ثم قال وإن لم يتغير والماء كثير بحيث إذا حرك أحد طرفيه لم يتحرك في الحال الطرف الثاني فهو باق على الطهارة وإن كان يسيرا ولم يتغير ففيه ثلاثة أقوال وهذا غريب والله أعلم تنبيهات الأول لو كان الماء كثيرا وخالطته نجاسة لم تغيره ثم فرق أو استعمل حتى صار قليلا فذكر ابن فرحون الاتفاق على طهوريته فلا يكون مكروها وهذا ظاهر لا شك فيه والله أعلم ذكره في الكلام على الماء الجاري الثاني لو كان الماء قليلا وخالطته نجاسة ولم تغيره وقلنا إنه مكروه ثم صب عليه ماء مطلق حتى صار كثيرا فلا إشكال في طهوريته ونصوصهم كالصريحة في ذلك وأما لو جمع إليه مياه قليلة كل منها قد خالطته نجاسة ولم تغيره حتى صار المجموع كثيرا فلم أر فيه نصا والظاهر انتفاء الكراهة وقد صرح الشافعية بأنه يصير طهورا وهو مما يقوى فيه اختيار ابن عبد السلام في الماء المستعمل إذا جمع حتى صار كثيرا الثالث قال البرزلي في مسائل الطهارة عن بعض المصريين في إناء وضوء وقعت فيه نجاسة فصب فيه الماء حتى فاض وإن كان الإناء كبيرا والنجاسة يسيرة وصب فيه من الماء كثير حتى تحقق خروج النجاسة فإنه يطهر وكذا لو كانت كثيرة وصب الماء كذلك وكذلك لو كان الإناء صغيرا والنجاسة كذلك ولو كان النجس كثيرا في الإناء الصغير وصب الماء حتى فاض فالغالب عدم طهارته انتهى يعني على القول بأنه غير طهور وأما على المشهور فإنه يكره استعماله مع وجود غيره الرابع من توضأ بالماء القليل الذي وقعت فيه نجاسة ولم تغيره مع وجود غيره فعلى رواية أبي مصعب لا إعادة عليه وانظر على المشهور هل يعيد في الوقت أو لا إعادة عليه لا في وقت ولا غيره قال الرجراجي المشهور من المذهب أنه لا يعيد أي لا في وقت ولا بعده وحكى ابن رشد في أول سماع ابن القاسم فيمن توضأ بسؤر النصراني وما أدخل يده فيه ثلاثة أقوال أحدها لا يعيد الصلاة ويعيد الوضوء لما يستقبل والثاني أنه يعيد الوضوء والصلاة في الوقت والثالث من توضأ بسؤره فكالقول الأول ومن توضأ بما أدخل يده فيه فكالقول الثاني وعلى قول ابن القاسم ومذهبه أنه نجس وقال في المدونة والرسالة إنه يعيد في الوقت واستشكل ذلك بأن من توضأ بماء نجس كمن لم يتوضأ فكان القياس أن يعيد أبدا فقيل إنه نجس عنده لأنه قال يتركه ويتيمم وإنما اقتصر على الإعادة في الوقت مراعاة للخلاف الخامس أما الماء الجاري فحكمه كالكثير قاله المازري وأطلق وهكذا نقله ابن عرفة عنه وقال ابن رشد في اللباب وأما الماء الجاري فحكمه كالكثير قال في المدونة وزاد ابن الحاجب إذا كان المجموع كثيرا والجرية لا انفكاك لها ومراده جميع ما في الجرية واحترز بعدم الانفكاك عن ميزاب السانية انتهى قلت في عزوه للمدونة نظر لأني لم أقف عليه فيها ولا على من عزاه لها ولم يعزه ابن عرفة إلا للمازري