قيل يحتاج المجتهد إلى أن يكون عالما بمواضع الإجماع والخلاف وهو متعذر في زماننا لكثرة المذاهب وتشعبها قيل يكفيه أن يعلم أن المسألة ليست مجمعا عليها لأن المقصود أن يحترز من مخالفة الإجماع وذلك ممكن انتهى وقول البساطي لا بد في صحة الحديث من التقليد لا يلزم منه عدم إمكان المجتهد لأن التقليد في صحة الحديث لا يقدح في الاجتهاد فتأمله والله أعلم وقال ابن عرفة وما أشار إليه ابن عبد السلام من يسر الاجتهاد هو ما سمعته يحكيه عن بعض الأشياخ أن قراءة مثل هذه الجزولية والمعالم الفقهية والاطلاع على أحاديث الأحكام الكبرى لعبد الحق ونحو ذلك يكفي في تحصيل أدلة الاجتهاد يريد مع يسر الاطلاع على فهم مشكل اللغة بمختصر العين والصحاح للجوهري ونحو ذلك من غريب الحديث ولا سيما مع نظر ابن القطان وتحقيقه أحاديث الأحكام وبلوغ درجة الإمامة أو ما قاربها في العلوم المذكورة غير مشترط الاجتهاد إجماعا وقال الفخر في المحصول وتبعه السراج في تحصيله والتاج في حاصله في كتاب الإجماع ما نصه ولو بقي من المجتهدين والعياذ بالله واحد كان قوله حجة فاستعاذتهم تدل على بقاء الاجتهاد في عصرهما والفخر توفي سنة ست وستمائة ولكن قالوا في كتاب الاستغناء انعقد الإجماع في زماننا على تقليد الميت إذ لا مجتهد فيه انتهى الثاني بقي على المؤلف شرط آخر وهو أن يكون القاضي واحدا نص عليه في المقدمات ونصه فأما الخصال المشترطة في صحة الولاية فهي أن يكون حرا مسلما عاقلا بالغا ذكرا واحدا فهذه الست الخصال لا يصلح أن يولى القضاء على مذنبنا إلا من اجتمعت فيه فإن ولي من لم تجتمع فيه لم تنعقد له الولاية وإن انخرم شيء منها بعد انعقاد الولاية سقطت الولاية انتهى ثم ذكر العدالة وقال إنه من هذا القسم على المشهور وإنما أخرها لأن فيه خلافا وأما العلم والفطنة فعدهما من الصفات المستحبة كما تقدم وممن نقل هذا الشرط ابن شاس والقرافي واستوفى ابن غازي الكلام عليه عند قول المؤلف وجاز تعدد مستقل والله أعلم الثالث قال في المقدمات يجب أن لا يولى القضاء من أراده وطلبه وإن اجتمعت فيه شرائط القضاء مخافة أن يوكل إليه فلا يقوم به انتهى ويريد إلا أن يتعين عليه فيجب عليه حينئذ السؤال وهذا في السؤال بغير بذل مال فكيف مع بذل المال نسأل الله العافية والسلامة والظاهر أنه إذا طلب فولى لا يجب عزله إذا كان جامعا لشروط القضاء والله أعلم فهذه المسألة مع مسألة تولية المقلد مع وجود المجتهد قسم رابع فإنه لا تجوز التولية أولا فإذا ولي لا ينعزل وقال القرطبي في شرح قوله صلى الله عليه وسلم لا تسأل الإمارة هو نهي وظاهره التحريم وعليه يدل قوله بعد أنا لا نولي على عملنا من أراده انتهى والله أعلم الرابع قال البرزلي في مسائل الأقضية عن السيوري إذا تجرح الناس لعدم القضاة أو لكونهم غير عدول فجماعتهم كافية في جميع ما وصفته وفي جميع الأشياء فيجتمع أهل الدين والفضل فيقومون مقام القاضي مع فقده في ضرب الآجال والطلاق وغير ذلك قلت تقدم أن الجماعة تقوم مقام القاضي مع فقده إلا في مسائل تقدم شيء منها انتهى انظر المشذالي في كتاب الاجتهاد فإنه ذكر أن الجماعة تقوم مقام القاضي في مسائل وذكر ذلك أيضا في كتاب الصلح وذكره البرزلي في كتاب السلم وقد ذكرت كلام المشذالي في باب النفقات في الطلاق على الغائب بالنفقة والله أعلم الخامس قال في الذخيرة في الباب الثالث من كتاب الأقضية في الكلام على ولاية الظالم نص ابن أبي زيد في النوادر على أنا إذا لم نجد إلا غير العدول أقمنا أصلحهم وأقلهم فجورا للشهادة عليهم ويلزم مثل ذلك في القضاة وغيرهم لئلا تضيع المصالح وما أظنه يخالفه أحد في هذا لأن التكليف مشروط بالإمكان