بطريق المسلمين ليست بملك لأرباب الدور كالأملاك المحوزة التي لأربابها تحجيرها على الناس لما للمسلمين من الارتفاق بها في مرورهم إذا ضاق الطريق عنهم بالأحمال وشبهها إلا أنهم أحق بالانتفاع بها فيما يحتاجون إليه من الرمي وغيره فمن حقهم إذا اتخذت مقبرة في مغيبهم أن يعودوا إلى الانتفاع بالرمي فيها إذا قدموا إلا أنه كره لهم درسها إذا كانت جديدة مسنمة لم تدرس ولا عفت لما في درس القبور وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأن يمشي أحدكم على الرضف خير له من أن يمشي على قبر أخيه وقال إن الميت يؤذيه في قبره ما يؤذيه في بيته وقال ابن أبي زيد إنما يكره درسها لأنها من الأفنية ولو كانت من الأملاك المحوزة لم يكره ذلك وكان لهم الانتفاع بظاهرها وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال واروا في باطنها وانتفعوا بظاهرها قال ابن رشد ولو كانت من الأملاك المحوزة قد دفن فيها بغير إذنهم لكان من حقهم نبشهم منها وتحويلهم إلى مقابر المسلمين وقد فعل ذلك بقتلى أحد لما أراد معاوية إجراء العين التي إلى جانب أحد أمر مناديا فنادى في المدينة من كان له قتيل فليخرج إليه وينبشه وليحوله قال جابر فأتيناهم فأخرجناهم من قبورهم رطابا لينين انتهى ابن عرفة في استدلاله بفعل معاوية نظر لأن قتلى أحد ما أقبروا إلا حيث جاز إقبارهم واستدلاله بإخراجهم يوهم كون القبر غير حبس والأقرب أنه فعله لتحصيل منفعة عامة حاجية حسبما يأتي في بيع الحبس لتوسعة جامع الخطبة ولابن عات سأل بعضهم أيجوز حرث البقيع بعد أربعين سنة دون دفن فيه وأخذ ترابه للبناء قال الحبس لا يجوز أن يتملك انتهى ولم يظهر لي في تعقيب ابن عرفة وجلبه لهذا الكلام كبير فائدة فتأمله والله أعلم ص وإن بأجرة ش هذا خلاف قول ابن الحاجب المتقدم لا المستأجر قال ابن عبد السلام في قول ابن الحاجب المملوك ويمكن أن يريد المؤلف بهذا القيد اشتراط ملك الرقبة وإن ملك المنفعة وحدها لا يكفي في التحبيس ويدل على ذلك قوله إلا المستأجر فيكون مراده المملوك رقبته لا منفعته بخصوصيتها والأحسن أن يظهر فاعل اسم المفعول فيقول المملوك رقبته ويقول لا منفعة ويبقى مطلق المنفعة المقابل للرقبة ولا يختص ذلك بمنفعة الاستئجار انتهى وقال ابن عرفة وقول ابن الحاجب ويصح في العقار المملوك لا المستأجر انتصارا لقول ابن شاس لا يجوز وقف الدار المستأجرة وفي كون مراد ابن شاس إن وقف مالك منفعتها أو بائعها نظر وفسره ابن عبد السلام في لفظ ابن الحاجب بالأول وهو بعيد لخروجه بالمملوك والأظهر الثاني وفي نقله الحكم بإبطاله نظر لأن الحبس إعطاء منفعة دائما وأمد الإجارة خاص بالزائد عليه يتعلق به الحبس لسلامته من المعارض ثم في لغو حوز المستأجر للحبس فيفتقر لحوزه بعد أمد الإجارة وصحته له فيتم من حين عقده قولان مخرجان على قولي ابن القاسم وأشهب في لغو حوز المستأجر ما في إجارته لمن وهب له بعد إجارته وصحته له انتهى والذي استظهره في كلام ابن شاس فهمه القرافي عليه ونصه فرع قال في الجواهر يمنع وقف الدار المستأجرة لاستحقاق منافعها للإجارة فكأنه وقف ما لا ينتفع به ووقف ما لا ينتفع به لا يصح انتهى وهذا التوجيه ليس بظاهر بل الظاهر قول ابن عرفة بصحة الحبس فتأمله والله أعلم واستبعاد ابن عرفة حمل ابن عبد السلام قول ابن الحاجب على المعنى الأول ليس بظاهر لقوله في ترجمة الإجارة في الصناعات من كتاب الإجارة من المدونة ولا بأس أن يكري أرضه على أن تتخذ مسجدا عشر سنين فإذا انقضت كان النقض له انتهى ونقله المصنف في الإجارة ولأن الوقف لا يشترط فيه التأبيد إلا أن كلام ابن عرفة جار على ما قدمه في حد الوقف وتقدم أنه