فقال أما اليسير فلا يضر انتهى قلت وهذا كله فيما تغير بطاهر وأما ما تغير بنجس فلا فرق فيه بين التغير اليسير والفاحش قليلا كان الماء أو كثيرا جاريا أو راكدا وحكى النووي في شرح المهذب الإجماع على ذلك قال وسواء تغير لونه أو طعمه أو ريحه قلت في حكاية الإجماع على ما تغير ريحه فقط نظر لما سيأتي عن ابن الماجشون الثاني ظاهر كلام المصنف أيضا أنه لا فرق بين كون أجزاء الماء أكثر من أجزاء المخالط أو عكس ذلك وهذا هو المعروف في المذهب وحكى اللخمي فيما إذا كانت أجزاء المخالط الطاهر المغير للماء أقل من أجزاء الماء قولين قال والمعروف من المذهب أنه غير طهور وروي عن مالك أنه مطهر وأن تركه مع وجود غيره استحسان وأخذ ذلك من الرواية التي في مسألة الغدير يتغير بروث الماشية ومثله البئر إذا تغير بورق الشجر كما سيأتي بيانه ورد عليه صاحب الطراز وقال إن ذلك فاسد وإنما تردد فيه مالك لاشتباه الأمر فيه هل يمكن الاحتراز منه أم لا ونحوه للباجي كما سيأتي وتبع ابن رشد في نوازله اللخمي فيما ذكره فقال وإن كان ما انضاف إلى الماء من الأشياء الطاهرة ليس هو الغالب إلا أنه غير أوصاف الماء أو بعضها فالمشهور في المذهب المعلوم من قول مالك وأصحابه أنه غير مطهر ولا يجوز الغسل ولا الوضوء به ولا يرفع حكم النجاسة من ثوب ولا بدن وقد روي عن مالك أنه قال ما يعجبني أن يتوضأ به من غير أن أحرمه فاتقاه من غير تحريم انتهى فتأمله ونقل ابن عرفة كلام اللخمي وابن رشد بعبارة توهم التسوية بين القولين وسيأتي لفظه في الكلام على مسألة الغدير والله أعلم الثالث علم من كلام المصنف أن المعتبر في سلب الطهورية إنما هو تغير أحد أوصاف الماء لا مجرد مخالطة الماء لغيره فلو وقع في الماء جلد أو ثوب وأخرج ولم يتغير الماء لم يضره وقاله في المدونة قال في الطراز وكذلك لو غمس فيه خبز وأخرج في الحين أو بل فيه شيء من الحبوب ولم يغيره قال والعلة تغير أحد أوصاف الماء انتهى مختصرا وهذا هو المعروف في المذهب وحكى في الطراز عن أصبغ أنه لا يتوضأ بماء بل فيه شيء من الطعام أو غسل به ثوب طاهر أو توضىء به سواء تغير الماء أو لم يتغير فإن توضأ به وصلى أعاد أبدا ذكره في باب أحكام المياه في موضعين الرابع ما ذكره المصنف من اعتبار تغير الرائحة هو المشهور في المذهب كما صرح به ابن عرفة وغيره وقال ابن الماجشون إن تغير الريح غير معتبر قال ابن ناجي في شرح المدونة وهو ظاهر المدونة يعني حيث لم يذكر فيها تغير الريح وهو ظاهر الرسالة أيضا فإنه لم يذكر فيها تغير الريح وذكر ابن عرفة عن ابن رشد قولا ثالثا يفرق فيه بين التغير الشديد والخفيف وعزاه لسحنون أخذا من قوله من توضأ بما تغير بما حل فيه تغيرا شديدا أعاد أبدا قال ابن ناجي في شرح الرسالة وهذا الكلام يتناول الطعم واللون إذ ليس في كلام سحنون ما يدل على خصوصية الريح انتهى قال ابن عرفة وقول ابن رشد أن ابن الماجشون ألغى تغير الريح مطلقا يناقض قوله في موضع آخر إذا أنتن الماء واشتدت رائحته فنجس اتفاقا انتهى قلت كلام ابن رشد الثاني في أواخر سماع أشهب من كتاب الوضوء قال ابن عرفة وقول عياض أجمعوا على نجاسة ما غير ريحه نجاسة بعيد انتهى قلت هذا نحو كلام النووي المتقدم واستشكل بعض أشياخ ابن بشير قول ابن الماجشون حتى حمل قوله على التغير بالمجاورة وتبعه على ذلك خلق كثير منهم ابن الحاجب فقال ولعله قصد التغير بالمجاورة قال ابن الإمام وهذه غلطة عظيمة فقد حكى عنه أبو زيد في الثمانية أن وقوع الميتة في البئر لا يضر وإن تغيرت رائحته حتى يتغير لونه أو طعمه وصرح اللخمي والمازري بأن خلافه مع تغير الرائحة بما حل في الماء وخالطه انتهى وذكر المنصف نحو هذا في التوضيح والله أعلم الخامس إذا وقع في الماء نجاسة ولم