مسنونات الوضوء والذي يظهر لي أن ذلك إنما هو بحكم التبع للفرائض وإلا فسيأتي أن الترتيب بين السنن والفرائض مستحب وأنه لا يعيد لأجل ذلك فتأمله الثالث ما وجه التفريق بين القرب والبعد وإعادة ما بعد المنسي في القرب وعدم الإعادة مع البعد فسيأتي بيان ذلك في الكلام على الترتيب إن شاء الله تعالى وقوله بنية يعني إذا قلنا في النسيان يبني على ما تقدم فلا بد من نية فلو حصل غسل العضو المنسي بلا نية لم يجزه ذلك حتى ينويه قال في المدونة ومن بقيت رجلاه من وضوئه فخاض بهما نهرا فدلكهما بيده فيه ولم ينو تمام وضوئه لم يجزه حتى ينويه ابن يونس معناه إنه كان نسي رجليه وظن أنه أكمل فلذلك احتاج إلى تجديد نية انتهى وقوله مطلقا أي طال الفصل أو لم يطل وقوله وإن عجز ما لم يطل لما ذكر حكم من نسي الموالاة ذكر حكم من تركها عجزا كمن عجز ماؤه وقام لطلبه فيبني ما لم يطل وظاهره سواء أعد من الماء ما يكفيه فأهريق أو غصب أو ابتدأ الوضوء بما يظن أنه يكفيه فتبين عدم كفايته وهو ظاهر المدونة عند الباجي وجماعة واستظهره ابن الفاكهاني قال في المدونة ومن توضأ بعض وضوئه فعجز ماؤه فقام لطلبه فإن قرب بني وإن تباعد وجف وضوؤه ابتدأ وضوءه قال عياض ذهب بعض الشيوخ إلى أن معناه إنه لم يعد من الماء ما يكفيه فكان كالمفرط والمغرر ولو أعد ما يكفيه فأهريق له أو غصب لكان حكمه كالناسي وعلى هذا تحمل رواية ابن وهب أنه يبني إذا عجز وإن طال وحمله الباجي على الخلاف وقال غيره وقد يحتمل أنهما سواء على قول من قال من أصحابنا إن الموالاة واجبة مع الذكر وهذا إذا ذكر نقله في التوضيح قلت وبعض الشيوخ الذي أشار إليه عياض هو اللخمي فإنه لم يحك خلافا فيما إذا غضب منه الماء أو أهريق أنه يبني ولو طال ونصه وينبغي موالاة الوضوء والغسل فإن غلب على ذلك بعد أن أخذ من الماء قدر كفايته ثم غصبه أو أهريق جاز له أن يبني على ما مضى منه وإن بعد طلبه للماء واختلف إذا فرقه ناسيا أو متعمدا ثم ذكر الخلاف وذكر صاحب الجمع عن ابن رشد أن من كان مجبرا على التفريق فإنه يبني وإن طال بلا خلاف ونصهك التفريق للعذر له ثلاثة أحوال الأول أن يكون مجبرا ولا خلاف أعلمه أن له أن يبنى وألحق به اللخمي من ابتدأ بماء كاف فأراقه له رجل أو غصب منه قال فله أن يبني وإن طال ولم يحك فيه خلافا الثاني أن يفرق ناسيا وهذا يبني وإن طال الثالث أن يعجز ماؤه وقد ابتدأ بما ظنه كافيا وهذا يبني فيما قرب دون ما بعد ولا يبعد أن يعذر باجتهاده وذكر الزهري في قواعده عن ابن القصار نحو ذلك ونصه قال ابن القصار إن أعد من الماء ما يكفيه ثم غصب له أو أريق له أو أراقه هو من غير تعمد فإنه يبني على ما مضى وإن طال طلبه للماء وقيل يدخله الخلاف وحكى في التوضيح عن ابن بزيزة في ذلك قولين وأن المشهور البناء ونصه قال ابن بزيزة ذكر المتأخرون في العاجز ثلاث صور الأولى أن يقطع أن الماء يكفيه الثانية أن يقطع أن الماء لا يكفيه الثالثة أن يشك في ابتداء وضوئه هل يكفيه أم لا ففي كل صورة قولان الابتداء والبناء والمشهور في الأولى البناء وفي الثانية والثالثة الابتداء ووجه ذلك ظاهر انتهى ونقله ابن ناجي وقال ابن الفاكهاني من أخذ من الماء ما يكفيه فأهريق أو غصب سوى اللخمي بينه وبين الناسي وظاهر كلام ابن الجلاب أو نصه خلاف هذا وهو الأظهر إذا النسيان يتعذر الانفكاك عنه بخلاف الغصب والإهراق فإنه نادر انتهى قلت فظهر من هذا أن العاجز إذا أعد من الماء ما يكفيه ثم غصبه أو أهريق له أو إهراقه بغير تعمد أو أكره على التفريق يبني وإن طال كالناسي بلا خلاف عند بعضهم كما يظهر من كلام اللخمي وابن راشد وعند بعضهم على الراجح فكان ينبغي