في قوله بالهدى وذكر الزناتي في شرح الرسالة أن لغة قريش استعمال باع إذا أخرج واشترى إذا أدخل قال وهي أفصح وعلى ذلك اصطلح العلماء تقريبا للفهم وأما شرى فيستعمل بمعنى باع ففرق بين شرى واشترى والشراء يمد ويقصر قاله في الصحاح والبيعان والمتبايعان البائع والمشتري يقال لكل واحد منهما بيع وبائع ومشتر كما صرح بذلك القرطبي في شكر مسلم في بيع الخيار ونصه البيعان تثنية بيع وهو يقال على البائع والمشتري كما يقال كل واحد منهما على الآخر انتهى وعرف بعضهم البيع لغة بأنه إعطاء شيء في مقابلة شيء أو مقابلة شيء بشيء ويقال باع الشيء بيوعه بوعا إذا قاسه بالباع وهو قدر مد اليدين قاله في الصحاح وهذا واوي العين والبيع يائي العين وأبعت الشيء عرضته للبيع واستبعته الشيء أي سألته أن يبيعه مني ويقال بايعته من البيع ومن البيعة هذا معناه لغة وأما في الشرع فقال ابن عبد السلام معرفة حقيقته ضرورية حتى للصبيان قال ابن عرفة ونحوه للباجي قلت ومال المصنف في التوضيح إلى ما قاله ابن عبد السلام والباجي فقال الأقرب ما قاله ابن عبد السلام إن حقيقة البيع معروفة لكل أحد فلا تحتاج إلى حد ولهذا والله أعلم لم يعرفه في هذا المختصر ورد ابن عرفة على ابن عبد السلام والباجي فقال قلت المعلوم ضرورة وجوده عند وقوعه لكثرة تكرره ولا يلزم منه علم حقيقته حسبما تقدم في باب الحج انتهى قلت ونقل ابن عبد السلام عن بعضهم أنه عرفه بأنه دفع عوض في معوض قال ويدخل تحته الصحيح والفاسد ورأى بعضهم أن الحقائق الشرعية إنما ينبغي تعريف الصحيح منها لأن المقصود بالذات ومعرفته تستلزم معرفة الفاسد أو أكثره فقال نقل الملك بعوض ويعتقد قائل هذا أن البيع الفاسد لا ينقل الملك وإنما ينقل شبهة الملك انتهى ولفظة العوض في التعريفين توجب خللا فيهما لأنها لا تعرف إلا بعد معرفة البيع أو ما هو ملزوم للبيع انتهى وذلك لأن العوض هو أحد نوعي المعقود عليه فمعرفته متوقفة على معرفة المعقود عليه توقف معرفة النوع على معرفة جنسه وكذلك البيع فكل واحد منهما لازم وملزوم ومعرفة أحدهما لازم لمعرفة الآخر والمعقود عليه ملزوم للبيع لأنه كلما وجد المعقود لزم وجود البيع لأنه لا يكون معقودا عليه إلا بعد تقدم عقدين فتوقفت معرفة العوض على معرفة البيع أو معرفة ما هو ملزوم للبيع وهو المعقود عليه والفرض أن معرفة البيع توقفت على معرفة العوض لأنه أخذ في حده فجاء الدور والله أعلم ويأتي الكلام على هذا الإيراد وعزا ابن عرفة التعريف الأول لأحد نقلي اللخمي أن البيع التعاقد والتقابض اعترض عليه في تركه التعقب عليها بغير ما ذكر والتعريف الثاني للمازري والصقلي وتعقبهما بأن الأول لا يتناول غير بيع المعاطاة وأن الثاني لا يتناول شيئا من البيع لأن نقل الملك لازم للبيع وأعم منه لأنه ينتقل بغيره كالصدقة والهبة وكونه بعوض يخصصه بالبيع عن الهبة والصدقة ولا يصيره نفس البيع قال ويدخل فيه النكاح والإجارة وفي تتمات الغرر من المدونة من قال أبيعك سكنى داري سنة فذلك غلط في اللفظة وهو كراء صحيح قال وقوله العوض أخص من البيع يرد بأنه أعم منه لثبوته في النكاح وغيره وتقدم لابن بشير النكاح عقد على البضع بعوض وقال ابن سيده العوض البدل ونحوه قال الزبيدي يقال أصبت منه العوض وقسم النحاة التنوين أقساماق أحدها تنوين العوض والأصل عدم النقل انتهى بالمعنى قلت والتعريف الثاني ذكره ابن رشد في أول كتاب السلم من المقدمات فقال نقل الملك على عوض انتهى ونقله في التوضيح عن المازري فقط قال عنه وهو يشمل الصحيح والفاسد لكن العرب قد تكون التسمية عندهم صحيحة لاعتقادهم أن الملك قد انتقل عن حكمهم في الجاهلية وإن كان لم ينتقل على حكم الإسلام خليل وإن أردت إخراجه بوجه لا شك فيه فزد بوجه جائز انتهى كلامه قلت اعلم أن العلماء اختلفوا في قوله تعالى وأحل الله البيع هل بناء على أن الفاسد ينقل الملك