منه مباح ومنه غير مباح فالمباح ما لا يكون صبغه من ناحية الطيب فهذا يجوز للعامة ويكره لمن يقتدى به أن يلبس من ذلك ما فيه دلسة والأصل فيه حديث الموطأ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى على طلحة بن عبيد الله ثوبا مصبوغا وهو محرم فقال عمر ما هذا الثوب المصبوغ يا طلحة فقال طلحة يا أمير المؤمنين إنما هو مدر فقال عمر إنكم أيها الرهط أئمة يقتدي بكم الناس فلو أن رجلا جاهلا رأى هذا الثوب لقال إن طلحة بن عبيد الله كان يلبس الثياب المصبغة في الإحرام فلا تلبسوا أيها الرهط شيئا من هذه الثياب المصبغة وأما غير المباح فهو ما صبغ بطيب أو بما هو في معنى الطيب فما صبغ بطيب كان لبسه حراما وما صبغ بغيره مما هو مشابه للطيب كان مكروها وذلك يرجع في العادة إلى ثلاثة أصباغ الزعفران والورس والعصفر أما الزعفران والورس فاتفقت الأئمة على تحريمه وأما المعصفر فمنعه مالك وأبو حنيفة إذا كان نافضا وجوزه الشافعي وابن حنبل ولم يروه من الطيب واختلف أصحابنا في منعه هل هو منع تحريم أو كراهة أعني المفدم المشبع إذا كان ينتقض على الجسد قال في المعونة من أصحابنا من يوجب فيه الفدية فعلى هذا يكون من محظورات الإحرام وقال أشهب لا فدية على من لبسه من رجل أو امرأة وقد أساء وهذا أظهر لأنه لا يعد طيبا كسائر ألوان الحمرة والصفرة واعتبارا بما لا ينتفض وأبو حنيفة يراه طيبا ولا يوجب فيه فدية إذا لم ينتفض لأن الفدية عنده في الطيب إنما تجب في البدن خاصة فسقوط الفدية فيه كأنه مجمع عليه من الأولين وهم الصدر الأول انتهى فائدة قال ابن عبد السلام لما ذكر كراهة المصبوغ لمن يقتدى به ولهذا قال غير واحد من أهل المذهب وغيرهم إن العالم المقتدى به يترك من المباح ما يشبه الممنوع مما لا يفرق بينهما إلا العلماء لئلا يقتدي به في ذلك من لا يعرفه إن لم يلزم غيره الكف عنه انتهى قلت والظاهر أن أمر العالم بالكف عن ذلك أمر ندب لا إيجاب كما يفهم من هذه المسألة والله أعلم وقال في المدونة ولا بأس أن يحرم الرجل في البركنات والطيالسة الكحلية وفي ألوان جميع الثياب إلا المعصفر المفدم الذي ينتفض وما صبغ بالورس والزعفران فإن مالكا كرهه ولم يكره شيئا من الصبغ غيره ثم قال ولا بأس بالمورد والممشق ولا بأس بالإحرام في الثياب الهروية إن كان صبغها بغير الزعفران وإن كان بالزعفران فلا يصلح انتهى والبركنات بفتح الموحدة وتشديد الراء قال في التنبيهات مثل الأكسية وأهل اللغة يقولون ثوب بركاني انتهى وقال سند البركان كساء أسود مربع من ناعم الصوف يجوز لبسه والإحرام فيه إجماعا انتهى والطيالسة جمع طيلسان بفتح اللام قال في الصحاح والعامة تقول طيلسان بكسر اللام قال والطاء في الطيالسة للمعجمة إنه فارس معرب انتهى وقال في القاموس إنه مثلث اللام وعن عياض وغيره إنه معرب أصله تالسان ويقال فيه طالسان وطيلس قاله كراع ولم يفسره في الصحاح وكأنه معرب وقال المطرزي في المقرب هو من لباس العجم مدور أسود ومنه قولهم في الشتم يا ابن الطيلسان يريد أنك أعجمي انتهى والثياب الهروية ثياب من رقيق القطن يصفر سدادها بالزعفران أو الكمون ونحوه فتأتي إلى الصفرة فكرهها لقوله صلى الله عليه وسلم لا تلبسوا شيئا مسه الزعفران وهذا مسه الزعفران فإن وقع نظرت إلى الثوب فإن كان ريح الزعفران فيه تعلقت بلبسه الفدية وإن لم يظهر ريحه فيه بوجه كان مكروها أما غير الزعفران والورس والعصفر من المشق والبقم والفسه وسائر المصبغات فلا فدية فيه انتهى وقال قبله وسئل ابن القاسم عن الإحرام في عصب اليمن وسائر الألوان فقال لم يكن مالك يكره شيئا ما خلا الورس والزعفران والمعصفر المفدم الذي ينتفض قال