قلبك بفكر غيره اتخذ نظراءك عنده إخوانا ولا تنافسهم فإنهم مظنة الحسدة والهلكة ولا تجسرن على مخالفتهم وإن اعترفوا لك بالفضل فإن النفس محبولة على كراهة التقدم عليها فيردون عليك فإن راددتهم صرت مناقضهم وهم مناقضوك وإن سكت صرت مردود القول إياك أن تشكو لأخلائه أو خدمه ما تجده مما تكرهه منه فإن ذلك عاقبته مخوفة واحتمال ما خالفك من رأيه أوجب من مناقضته فيه إلا أن يسهل على نفسك مفارقته ولا تصحب السلطان إلا بعد رياضة نفسك على المكروه منه عندك ولا تكتمه سرك ولا تبح سره وتجتهد في رضاه والتلطف في حاجته والتصديق لمقالته والتزيين لرأيه وقلة القلق مما أساؤا لك وأكثر نشر محاسنه وأحسن الستر لمساويه وتقرب ما قرب وإن كان بعيدا وتبعد ما باعد وإن كان قريبا والاهتمام بأمره وإن لم يهتم به والحفظ لما ضيعه من شأنه والذكر لما نسيه وخفف مؤنتك عليه ابذل لصديقك دمك ولمعارفك رفدك ومحضرك وللعامة بشرك وتحيتك ولعدوك عدلك وصبرك وابخل بدينك وعرضك عن كل أحد إلا لضرورة وال أو ولد ولغيرهما فلا وإن سمعت من صاحبك كلاما حسنا أو رأيا فانسبه إليه لأن نسبته لنفسك مفسدة له وعار عليك فإن فعل هو ذلك في كلامك فسامحه به وأنسه مع ذلك بما تستطيع ليلا يستوحش وإياك أن تشرع في حديث ثم تقطعه فإنه سخف ولا تشرع إلا إذا علمت أنه يكمل لك وافهم العلماء إذا اجتمعت بهم ولتكن أحرص على أن تسمع من أن تقول لا تألم إذا رأيت صديقك مع عدوك فقد يكفيك شره أو ستر عورة لك عنده تحفظ في مجلسك من التطويل واسمع عن كثير مما يكون عندك فيه صواب ليلا يظن جلساؤك أنك تريد الفضل عليهم ولا تدع العلم في كل ما يعرض فإنهم إن نازعوك عرضوك للجهالة أو تركوك فقد عرضتهم للجهل والعجز واستحي كل الحيا أن تدعي أن صاحبك