تمهيد قال الله تعالى كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون أو الوعد إذا أخلف قول لم يفعل وقال علامات المنافق إذا أؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا وعد أخلف فذكره في سياق الذم دليل التحريم ويروى قال وأي المؤمن واجب وهذه الأدلة تقتضي وجوب الوفاء مطلقا وفي الموطأ قال رجل له أكذب لامرأتي فقال لا خير في الكذب فقال يا رسول الله فأعدها وأقول لها فقال لا جناح عليك فمنه الكذب المتعلق بالمستقبل فإن رضي النساء إنما يحصل به ونفي الجناح عن الوعد وهو يدل على أمرين أحدهما أن إخلاف الوعد لا يسمى كذبا بجعله قسيم الكذب وثانيهما أن إخلاف الوعد لا حرج فيه ولو كان المقصود الوعد الذي يفي به لما احتاج للسؤال عنه ولما ذكره مقرونا بالكذب ولان قصده إصلاح حال امرأته بما لا يفعل فتخيل الحرج في ذلك فاستأذن عليه وفي أبي داود قال إذا وعد أحدكم أخاه ومن نيته أن يفي فلم يف فلا شيء عليه فهذه الأدلة تقتضي عدم وجوب الوفاء بالوعد مطلقا عكس الأدلة الأولى ووجه الجمع أن يحمل اللزوم على ما إذا أدخله في سبب ملزم بوعده كما قال سحنون وابن القاسم أو وعده مقرونا بذكر سبب كما قاله أصبغ لتأكد العزم على الدفع حينئذ ويحمل عدم اللزوم على خلاف ذلك مع أنه قد قيل في الآية إنها نزلت في قوم كانوا يقولون جاهدنا وما جاهدوا وفعلنا أنواعا من الخيرات وما فعلوها ولا شك