وسوى أبو حنيفة رحمه الله بين الصلوات والكفارات في عدم الإضافة إلى الأسباب والفرق بينهما ما ذكرناه لا سيما ومعظم أسباب الكفارات جنايات لا قربات واستحضارها حالة التقرب ليس بحسن وأما الصلوات فكلها مختلفة حتى الظهر والعصر بقصر القراءة في العصر وطولها في الظهر وهذه الحكمة قد اعتبرت في ست قواعد في الشريعة فنذكرها ليتضح للفقيه سر الشريعة في ذلك وهي القربات والألفاظ والمقاصد والنقود والحقوق والتصرفات القاعدة الأولى القربات فالتي لا لبس فيها لا تحتاج إلى نية كالإيمان بالله تعالى وتعظيمه وإجلاله والخوف من نقمه والرجاء لنعمه والتوكل على كرمه والحياء من جلاله والمحبة لجماله والمهابة من سلطانه وكذلك التسبيح والتهليل وقراءة القرآن وسائر الأذكار فإنها متميزة لجنابه سبحانه وتعالى وكذلك النية منصرفة إلى الله تعالى بصورتها فلا جرم لم تفتقر إلى نية أخرى ولا حاجة إلى التعليل بأنها لو افتقرت إلى نية للزم التسلسل ولذلك يثاب الإنسان على نية مفردة ولا يثاب على الفعل مفردا لانصرافها بصورتها إلى الله تعالى والفعل متردد بين ما لله وما لغيره وأما كون الإنسان يثاب على نية حسنة واحدة وعلى الفعل عشرا إذا نوى فإن الأفعال مقاصد والنيات وسائل والوسائل أخفض رتبة من المقاصد القاعدة الثانية الألفاظ إذا كانت نصوصا في شيء غير مترددة لم تحتج إلى نية لانصرافها بصراحتها لمدلولاتها فإن كانت كناية أو مشتركة مترددة افتقرت إلى النية القاعدة الثالثة المقاصد من الأعيان في العقود إن كانت متعينة استغنت عما يعينها كمن استأجر بساطا أو قدوما أو ثوبا أو عمامة لم يحتج إلى تعيين المنفعة في العقد لانصراف هذه الأشياء بصورها إلى مقاصدها عادة