لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون وجه التمسك به أنه تعالى نهى عن ملامسة القرآن ومسه لغير الطاهرين إجلالا والمحدث ليس بطاهر فوجب أن يمنع من مسه وتقريره أنها صيغة حصر تقتضي حصر الجواز في المتطهرين وعموم سلبه في غيرهم والأصل عدم التخصيص فيحصل المطلوب فإن قيل لا نسلم أن هذه الصيغة نهي وإلا لكانت مجزومة الأجزاء ومؤكدة بنون التأكيد سلمنا لكن لا نسلم أن المراد بالمطهرين أهل الأرض بل أهل السماء كما قال تعالى في عبس بأيدي سفرة كرام بررة سورة عيسى سلمنا أن المراد أهل الأرض لكن المطهرون عام في المطهر مطلق في التطهير فلم لا تكفي الطهارة الكبرى ولا تندرج الصغرى لخفتها والجواب عن الأول من وجهين الأول أن الصيغة لو كانت خبرا للزم الخلف فيه لأنا نجد كثيرا من غير الطاهرين يمسه والخلف في خبر الله تعالى محال فيتعين أن تكون نهيا وقد حكى النحاة في الفعل المشدد الآخر أن من العرب من يحكيه حالة النهي على الرفع الثاني سلمنا أنه خبر لفظا ونهي معنى كما قال تعالى والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء والمراد الأمر كذلك ههنا يكون المراد النهي وعن الثاني من وجهين أحدهما لو كان المراد أهل السماء لكان يقضي أن في السماء من ليس بمتطهر وليس كذلك بخلاف ما إذا حملناه على أهل الأرض