لنا أن الله تعالى إنما بعث الرسل لتحصيل مصالح العباد عملا بالاستقراء فمهما وجدنا مصلحة غلب على الظن أنها مطلوبة للشرع الاستصحاب ومعناه أن اعتقاد كون الشيء في الماضي أو الحاضر يوجب ظن ثبوته في الحال أو الاستقبال وهذا الظن عند مالك والإمام فخر الدين والمزني وأبي بكر الصيرفي رحمه الله عليهم حجة خلافا لجمهور الحنفية والمتكلمين لنا أنه قضاء بالطرف الراجح فيصح كأروش الجنايات واتباع الشهادات البراءة الأصلية وهي استصحاب حكم العقل في عدم الأحكام خلافا للمعتزلة والأبهري وأبي الفرج منا وثبوت عدم الحكم في الماضي يوجب ظن عدمه في الحال فيجب الاعتماد على هذا الظن بعد الفحص عن رافعه وعدم وجوده عندنا وعند طائفة من الفقهاء العوائد والعادة غلبة معنى من المعاني على الناس وقد تكون هذه الغلبة في سائر الأقاليم كالحاجة للغذاء والتنفس في الهواء وقد تكون خاصة ببعض البلاد كالنقود والعيوب وقد تكون خاصة ببعض الفرق كالأذان للإسلام والناقوس للنصارى فهذه العادة يقضى بها عندنا لما تقدم في الاستصحاب الاستقراء وهو تتبع الحكم في جزئياته على حالة يغلب على الظن أنه في صورة