مضروب على أيديهم كالجابي في الزكاة ليس له تصرف إلا في جبي الزكاة ويعطي أجرته منها لا من رب المال كذلك الملتزم أي الذي التزم للسلطان أو لنائبه أن يجمع له خراج البلد الفلانية وله في نظير ذلك ما يسمونه الفائض أجرة ثم إن هذا الفائض إن كان جعله السلاطين الماضون على الفلاحين من جملة الخراج برضاهم فهو حلال للملتزم وإلا فهو سحت لأنه من مال الفلاحين لا يقال الملتزم قد استأجر البلد من السلطان أو نائبه فله أن يؤجرها للفلاحين بما شاء كمن استأجر دارا موقوفة على مستحقين من ناظرها فله أن يؤجرها لغيره بما شاء لأنا نقول كذا ظن بعض الحمقى الأغبياء فأفتوهم بما لم ينزل الله به من سلطان فضلوا وأضلوا وما كانوا مهتدين وليس كما ظنوا فإنما المال الذي يدفعه الملتزم مما يسمونه بالحلوان للسلطان أو لنائبه في نظير وضع اليد والتقرير المسمى داله بالتقسيط نظيره ما لو مات جندي عن علوفة فيدفع رجل للسلطان مالا ليقرره مكانه في قبض العلوفة لنفسه كذلك الملتزم دفع مالا للسلطان ليمكنه على الجباية ليأخذ الفائض لنفسه فليس هذا بإجارة ولا بيع كما هو معلوم بالبداهة إذ الإجارة تمليك منافع معلومة في زمن معلوم بمال معلوم ولا يقال السلطان أو نائبه كل سنة يكتب تقريرا وتقسيطا للملتزم بصورة إجارة ويدفع الملتزم للسلطان الخراج المسمى بالميري لأنا نقول الميري ليس مالا للملتزم وإنما هو خراج قد فرضه السلاطين المتقدمون على المزارعين ليدفعوه للناظر المتولي أمر المصالح الإسلامية ليصرفه في مصالح المسلمين كناظر على وقف عين جابيا على جمع مال الواقف ليصرفه الناظر للمستحقين وكل هذا مبني على أن أرض الزراعة وقف كما هو عندنا والمفتى به عند الحنفية وأما على أنها مملوكة كما هو المفتى به عند الشافعة بناء على أن قرى مصر فتحت صلحا فظاهر بالبديهة أن الملتزم لا تصرف له وقد أفتاهم من اتبع وهمه أن لهم التصرف في الأرض وأن لهم التمكين والنزع والزيادة والنقصان حتى قالوا له أن يزيد على الفلاحين ما شاء ولو فوق طاقتهم والفلاح مخير بين أن يرضى فيزرع وأن يترك واشتهرت هذه الفتوى الباطلة ضرورة بمصر حتى صال الأمراء على عباد الله بجميع أنواع الجور والظلم ويقول الظالم بلدي اشتريتها بمالي أفعل فيها وفي الفلاحين ما شئت كما أفتاني بذلك العلماء أو صار المفتون يقلد بعضهم بعضا وزادوا أن قالوا لو كان للبلد ملتزمان وباع أحدهما حصته فللثاني الأخذ بالشفعة فانظر كيف جعلوه شريكا مالكا وأن هذا الإسقاط بيع وأن شريكه يستحق بالشفعة ولئن سألتهم من أين جاءكم هذا لقالوا ! < إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون > ! ثم أخرج من قوله ولزم الكراء بالتمكن قوله ( عكس تلف الزرع ) بآفة مما للأرض مدخل فيها وأراد بالعكس المقابلة بالنفي والإثبات أي عكس الحكم المتقدم من وجوب الكراء وعكسه أي نقيضه عدم وجوبه بآفة من أرضه ( لكثرة دودها أو فأرها ) لو قال لدودها الخ كان أحسن وأخصر إذ لا تشترط الكثرة ( أو عطش ) فتلف كله ( أو بقي ) منه ( القليل ) كستة أفدنة من مائة وظاهره ولو انفرد بجهة فلا يلزمه كراؤها وقيل محله إن كان متفرقا في جملة الفدادين