النجاسة واحتج أصحابنا بحديث فركه ولو كان نجسا لم يكف فركه كالدم والمذي وغيرهما وهذا القدر كاف وهو الذي اعتمدته أنا في طهارته وقد أكثر أصحابنا من الاستدلال بأحاديث ضعيفة ولا حاجة إليها وعلى هذا إنما فركه تنزها واستحبابا وكذا غسله كان للتنزه والاستحباب وهذا الذي ذكرناه متعين أو كالمتعين للجمع بين الأحاديث وأما قول عائشة إنما كان يجزيك فهو وإن كان ظاهره الوجوب فجوابه من وجهين أحدهما حمله على الاستجباب لأنها احتجت بالفرك فلو وجب الغسل لكان كلامها حجة عليها لا لها وإنما أرادت الإنكار عليه في غسل كل الثوب فقالت غسل كل الثوب بدعة منكرة وإنما يجزيك في تحصيل الأفضل والأكمل كذا وكذا وذكر أصحابنا أقيسة ومناسبات كثيرة غير طائلة ولا نرتضيها ولا نستحل الاستدلال بها ولا نسمح بتضييع الوقت في كتابتها وفيما ذكرناه كفاية وأجاب أصحابنا عن القياس على البول والدم بأن المني أصل الآدمي المكرم فهو بالطين أشبه بخلافهما وعن قولهم يخرج من مخرج البول بالمنع قالوا بل ممرهما مختلف قال القاضي أبو الطيب وقد شق ذكر الرجل بالروم فوجد كذلك فلا ننجسه بالشك قال الشيخ أبو حامد ولو ثبت أنه يخرج من مخرج البول لم يلزم منه النجاسة لأن ملاقاة النجاسة في الباطن لا تؤثر وإنما تؤثر ملاقاتها في الظاهر وعن قولهم المذي جزء من المني بالمنع أيضا قالوا بل هو مخالف له في الاسم والخلقة وكيفية الخروج لأن النفس والذكر يفتران بخروج المني وأما المذي فعكسه ولهذا من به سلس المذي لا يخرج معه شيء من المني والله أعلم قال المصنف رحمه الله تعالى وأما مني غير الآدمي ففيه ثلاثة أوجه أحدها الجميع طاهر إلا مني الكلب والخنزير لأنه خارج من حيوان طاهر يخلق منه مثل أصله فكان طاهرا كالبيض ومني الآدمي والثاني الجميع نجس لأنه من فضول الطعام المستحيل وإنما حكم بطهارته من الآدمي لحرمته وكرامته وهذا لا يوجد في غيره والثالث ما أكل لحمه فمنيه طاهر كلبنه وما لا يؤكل لحمه فمنيه نجس كلبنه الشرح هذه الأوجه مشهورة ودلائلها ظاهرة والأصح طهارة الجميع غير الكلب والخنزير وفرع أحدهما وممن صرح بتصحيحه الشيخ أبو حامد والبندنيجي وابن الصباغ والشاشي وغيرهم وأشار المصنف في التنبيه إلى ترجيحه وصحح الرافعي النجاسة مطلقا والمذهب الأول أما مني الكلب والخنزير وما تولد من أحدهما فإنه نجس بلا خلاف كما صرح به المصنف فرع البيض من مأكول اللحم طاهر بالإجماع ومن غيره فيه وجهان كمنيه الأصح الطهارة وقد أشار المصنف في تعليله الوجه الأول إلى القطع بهذا قال أصحابنا ويجري