فلم يبق ضبط إلا بالتمييز فظاهر القياس أنها طاهر وإن بلغ الدم الضعيف ما بلغ وهذا الذي قاله الإمام متعين وهو مقتضي كلام الأصحاب فرع قال الرافعي المفهوم من كلام الأصحاب في انقلاب الدم القوي إلى الضعيف أن يتمحض ضعيفا حتى لو بقيت خطوط من السواد وظهرت خطوط من الحمرة لا ينقطع حكم الحيض وإنما ينقطع إذا لم يبق شيء من السواد أصلا وقد صرح بهذا المفهوم إمام الحرمين رحمه الله قال المصنف رحمه الله تعالى وإن كانت معتادة غير مميزة وهي التي كانت تحيض من كل شهر أياما ثم عبر الدم عادتها وعبر الخمسة عشر ولا تمييز لها فإنها لا تغتسل بمجاوزة الدم عادتها لجواز أن ينقطع الدم الخمسة عشر فإذا عبر الخمسة عشر ردت إلى عادتها فتغتسل بعد الخمسة عشر وتقضي صلاة ما زاد على عادتها لما روى أن امرأة كانت تهراق الدم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتت لها أم سلمة رضي الله عنها فقال النبي صلى الله عليه وسلم لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتدع للصلاة قدر ذلك الشرح حديث أم سلمة صحيح رواه مالك في الموطأ والشافعي وأحمد في مسنديهما وأبو داود والنسائي وابن ماجه في سننهم بأسانيد صحيحة على شرط البخاري ومسلم وقولها تهراق الدم بضم التاء وفتح الهاء أي تصب الدم والدم منصوب على التشبيه بالمفعول به أو على التمييز على مذهب الكوفيين وقوله صلى الله عليه وسلم فلتدع يجوز في هذه اللام وشبهها من لامات الأمر التي يتقدمها فاء أو واو ثلاثة أوجه كسرها وإسكانها وفتحها والفتح غريب أما أحكام المسألة فإذا كان لها عادة دون خمسة عشر فرأت الدم وجاوز عادتها وجب عليها الإمساك كما تمسك عنه الحائض لاحتمال الانقطاع قبل مجاوزة خمسة عشر فيكون الجميع حيضا ولا خلاف في وجوب هذا الامساك وقد سبق في المبتدأة وجه شاذ أنه لا يجب الامساك واتفقوا أنه لا يجىء هنا لأن الأصل استمرار الحيض هنا ثم انقطع على خمسة عشر يوما فما دونها فالجميع حيض وإن جاوز خمسة عشر علمنا أنها مستحاضة