فضيلة والطهارة بالماء فريضة فكان انتظار الفريضة أولى وإن كان على إياس من وجوده فالأفضل أن يتيمم ويصلي لأن الظاهر أنه لا يجد الماء فلا يضيع فضيلة أول الوقت لأمر لا يرجوه وإن كان يشك في وجوده ففيه قولان أحدهما إن تأخيرها أفضل لأن الطهارة بالماء فريضة والصلاة في أول الوقت فضيلة فكان تقديم الفريضة أولى والثاني أن تقديم الصلاة بالتيمم أفضل وهو الأصح لأن فعلها في أول الوقت فضيلة متيقنة والطهارة بالماء مشكوك فيها فكان تقديم الفضيلة المتيقنة أولى الشرح إذا عدم الماء بعد طلبه المعتبر جاز له التيمم للآية والأحاديث الصحيحة والإجماع ولا فرق في الجواز بين أن يتيقن وجود الماء في آخر الوقت أو لا يتيقنه هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة ونقل المحاملي في المجموع الإجماع عليه وكذا نقل الشيخ أبو حامد وغيره أنه لا خلاف فيه وحكى صاحبا التتمة و التهذيب قولا للشافعي نص عليه في الإملاء أنه لا يجوز التيمم إذا علم وصوله إلى الماء قبل خروج الوقت وهو شاذ ضعيف لا تفريع عليه وإنما التفريع على المذهب وهو الجواز ثم إن الجمهور أطلقوا الجواز وقال الماوردي هذا إذا تيقن وجود الماء في غير منزله أما إذا تيقن أنه يجده في آخر الوقت في منزله الذي هو فيه أول الوقت فيجب التأخير قال ولا وجه لقول من أطلق من أصحابنا إستحباب التأخير فإذا قلنا بالمذهب فللعادم ثلاثة أحوال أحدها أن يتيقن وجود الماء في آخر الوقت بحيث يمكنه الطهارة والصلاة في الوقت فالأفضل أن يؤخر الصلاة ليأتي بها بالوضوء لأنه الأصل والأكمل هذا هو المذهب الصحيح المقطوع به في جميع الطرق وانفرد صاحب التتمة بحكاية وجه أن تقديم الصلاة في أول الوقت بالتيمم أفضل وحكاه الشيخ أبو محمد والصواب الأول واحتج له الشيخ أبو حامد الاسفرايني والمحاملي وغيرهما بأن الوضوء أكمل من التيمم فكان راجحا على فضيلة أول الوقت ويؤيد هذا أن التيمم لا يجوز مع القدرة على الماء ويجوز تأخير الصلاة إلى آخر الوقت مع القدرة على الصلاة في أوله ولأن الوضوء هو الأصل ولهذا يصلي به صلوات وأما تعليل المصنف بأن الوضوء فريضة فمشكل لأن التيمم إذا فعله وقع أيضا فريضة فالصحيح ما سبق من التعليل ونضم إليه أن فيه خروجا من الخلاف فإن نصه في الإملاء أن هذا التيمم باطل وهو أيضا مذهب الزهري فإنه لا يجوز التيمم حتى يخاف فوت الوقت الحال الثاني أن يكون على يأس من وجود الماء في آخر الوقت فالأفضل تقديم التيمم والصلاة في أول الوقت بلا خلاف لحيازة فضيلة أول الوقت وليس هنا ما يعارضها الحال الثالث أن لا يتيقن وجود الماء ولا عدمه وله صورتان إحداهما أن يكون راجيا ظانا الوجود ففيه قولان مشهوران في كتب الأصحاب ونص عليهما في مختصر المزني أصحهما باتفاق الأصحاب أن تقديم الصلاة بالتيمم في أول الوقت أفضل وهو نصه في الأم والثاني التأخير أفضل