أقلني ثم غاب في الحال ثم قال الآخر أقلتك بحيث يصلح أن يكون جوابا لكلامه صحت الإقالة وإن لم يسمعه لبعده منه وهذا شاذ ضعيف فرع إذا فسخ المستودع الوديعة من غير حضور مالكها ففي صحة الفسخ وجهان حكاهما الروياني هنا أحدهما لا يصح لأن الأمانة لا تنفسخ بالقول ولهذا لو قال فسخت الأمانة كان على الأمانة ما لم يردها حتى لو هلكت قبل إمكان الرد لا ضمان والثاني يصح ويرتفع حكم عقد الوديعة ويبقى حكم الأمانة كالثوب إذا ألقته الريح في دار إنسان يكون أمانة وإلا يكون وديعة فيلزمه أن يعلم صاحبه بذلك فإن أخر الإعلام مع القدرة ضمن هذا كلام الروياني وجزم القاضي أبو الطيب في تعليقه وصاحب الشامل وغيرهما في هذا الموضع بصحة فسخ الوديعة في غيبة المالك قال القاضي أبو الطيب تنفسخ ويلزمه ردها إلى مالكها فإن لم يجده دفعها إلى الحاكم فإن لم يفعل وهلكت ضمن فإن قيل لو انفسخت الوديعة لوجب أن يضمنها إذا تلفت في يده قبل العلم بالفسخ لأنه لا يجوز أن تنفسخ ولا تكون مضمونة قلنا لا يمتنع أن تنفسخ وتبقى في يده أمانة ولهذا لو حضر المالك وقال فسخت وديعتي انفسخت وتكون أمانة في يده إلى أن يسلمها فإن ذهب ليحضرها فتلفت قبل التمكن لم يضمنها والله أعلم قال المصنف رحمه الله تعالى فإن تصرف في المبيع تصرفا يفتقر إلى الملك كالعتق والوطء والهبة والبيع وما أشبهها نظرت فإن كان ذلك من البائع كان ذلك اختيارا للفسخ لأنه تصرف يفتقر إلى الملك فجعل اختيارا لا فسخ والرد إلى الملك وإن كان ذلك من المشتري ففيه وجهان قال أبو إسحاق إن كان ذلك عتقا كان اختيارا للإمضاء وإن كان غيره لم يكن ذلك اختيارا لأن العتق لو وجد قبل العلم بالعيب منع الرد فأسقط خيار المجلس وخيار الشرط وما سواه لو وجد قبل العلم بالعيب لم يمنع الرد بالعيب فلم يسقط خيار المجلس وخيار الشرط وقال أبو سعيد الإصخري الجميع اختيار للإمضاء وهو الصحيح لأن الجميع يفتقر إلى الملك فكان الجميع اختيارا للملك ولأن في حق البائع الجميع واحد فكذلك في حق المشتري فإن وطئها المشتري بحضرة المشتري بحضرة البائع وهو ساكت واحد فهل ينقطع خيار البائع بذلك فيه وجهان أحدهما ينقطع لأنه أمكنه أن يمنعه فإذا سكت كان ذلك رضاء بالبيع والثاني لا ينقطع لأنه سكوت عن التصرف في ملكه فلا يسقط عليه حكم التصرف كما لو رأى رجلا يخرق ثوبه فسكت عنه والله أعلم