صلاها بالتيمم فأما الأولى فلا تجب إعادتها بلا خلاف وسواء قلنا بالمنصوص أو بقول ابن سريج اتفق أصحابنا على هذا إلا الدارمي فإنه شذ عنهم فقال في وجوب إعادة الصلاتين ثلاثة أوجه أحدها تجب إعادتهما جميعا والثاني تجب إعادة الأولى فقط والثالث تجب إعادة الثانية فقط وهذا الذي شذ به الدارمي وانفرد به عن الأصحاب ضعيف أو باطل وأظنه اشتبه عليه وكيف كان فهو خطأ لا يلتفت إليه وإنما أذكر مثله لأبين فساده لئلا يغتر به والله أعلم فرع لو أراد من جرى له تغير الاجتهاد أن لا يلزمه إعادة الصلاة بلا خلاف تفريعا على المنصوص أراق الماء الثاني والبقية وتيمم وصلى ولا إعادة قطعا لأنه معذور في الإراقة لا كمن أراقه سفها قال إمام الحرمين ولو صب أحدهما في الآخر فكالإراقة فيتيمم ويصلي بلا إعادة وقال ولو صب الثاني وأبقى بقية الأول تيمم وصلى ولا إعادة لأنه ليس معه ماء متيقن الطهارة ولا مظنونها ولو صب البقية وترك الثاني ففي الإعادة الوجهان المذكوران في الكتاب والفرق بين هذه المسألة وبين ما إذا حال بينه وبين الماء سبع ونحوه فإنه لا إعادة قطعا وهنا خلاف أنه في مسألة السبع متيقن المانع ولا طريق له وهنا مقصر بترك الإراقة والله أعلم فرع أبو الطيب بن سلمة هذا أول موضع ذكر فيه في المهذب واسمه محمد بن المفضل بن سلمة بن عاصم البغدادي من كبار أصحابنا تفقه على ابن سريج صنف كتبا كثيرة توفي في المحرم سنة ثمان وثلاثمائة رحمه الله قال المصنف رحمه الله تعالى وإن اشتبه عليه ماءان ومعه ماء ثالث يتيقن طهارته ففيه وجهان أحدهما لا يتحرى لأنه يقصر على إسقاط الفرض بيقين فلا يؤدي بالاجتهاد كالمكي في القبلة والثاني أنه يتحرى لأنه يجوز إسقاط الفرض بالطاهر في الظاهر مع القدرة على الطاهر بيقين ألا ترى أنه يجوز أن يترك ما نزل من السماء ويتيقن طهارته ويتوضأ بما يجوز نجاسته الشرح هذان الوجهان مشهوران قال صاحب الحاوي وحكاهما أبو إسحاق المروزي في شرحه أصحهما عند جمهور أصحابنا في الطريقتين جواز التحري وهو قول ابن سريج وجمهور أصحابنا المتقدمين أصحاب الوجوه والوجه الآخر اختيار أبي إسحاق