للصلاة لا سبب لها فإن الشرط ما يعدم الحكم لعدمه والسبب ما توصل به إلى الحكم فتساهل المصنف بإطلاق السبب على الشرط واحترز به عن الشك في عدد الركعات والركوع والسجود وغير ذلك من أجزاء الصلاة وقوله من أسباب الصلاة أي شروطها وقد صرح بما ذكرناه في باب طهارة البدن فيما إذا اشتبه ثوبان فقال تحرى فيهما لأنه شرط من شروط الصلاة وفيه احتراز من الذكاة فإنها شرط ولكن ليست شرطا في الصلاة بل في حل الحيوان ولا يدخلها الاجتهاد فيما إذا اشتبهت ميتة بمذكاة وقوله يمكن التوصل إليه بالاستدلال احتراز مما إذا شك هل توضأ أم لا أو هل غسل عضوه أم لا ومن القبلة في حق الأعمى وقاس المصنف على القبلة لأنها مجمع على الاجتهاد فيها وقوله فجاز الاجتهاد فيه عند الاشتباه كالقبلة كلام صحيح ومراده الرد على من منع الاجتهاد كما سبق وإذا ثبت جوازه فقد يجب إذا لم يقدر على غيره وضاق وقت الصلاة وقد لا يجب بأن لا يكون كذلك وقد يعترض على المصنف فيقال كان ينبغي أن يقول فوجب الاجتهاد وهذا اعتراض باطل لما ذكرناه فرع أما كيفية الاجتهاد فقال صاحب البيان قال أصحابنا العراقيون هو أن ينظر إلى الإناءين ويميز الطاهر منهما بتغير لون أو ريح أو اضطراب فيه أو رشاش حوله أو يرى أثر كلب إلى أحدهما أقرب ونحو ذلك فإذا فعل ذلك غلب على ظنه نجاسة أحدهما لوجود بعض هذه العلامات وطهارة الآخر لعدمها قال فأما ذوق الماء فلا يجوز لاحتمال نجاسته قال وأما الخراسانيون فقالوا هل يحتاج إلى نوع دليل فيه وجهان أحدهما نعم كالمجتهد في الأحكام والثاني لا قال وهذا ليس بشيء وهذا الذي حكاه عن العراقيين هو كذلك في كتبهم وكذا نقله أيضا البغوي عن العراقيين وقد قدمنا ثلاثة أوجه في أنه يشترط العلامة أم يكفيه الظن بلا علامة أو يجوز الهجوم بلا علامة ولا ظن ولا اجتهاد والصحيح اشتراط العلامة كما إذا اشتبهت القبلة فإنه لا بد من علامة بلا خلاف وكذا القاضي والمفتي يشترط ظهور دليل له بلا خلاف قال إمام الحرمين ولأن الأمور الشرعية لا تبنى على الإلهامات والخواطر ومن اكتفى بالظن قال يجوز استعماله اعتمادا على الأصل والظاهر وفرق القاضي حسين وصاحبه البغوي وغيرهما بينه وبين القبلة بأن جهة القبلة مشاهدة ولها علامات ظاهرة تعلم بها إذ أتقن النظر علما يقينا والأواني لا طريق إلى اليقين فيها فكفى الظن والله أعلم قال المصنف رحمه الله تعالى فإن انقلب أحدهما قبل الاجتهاد ففيه وجهان أحدهما أنه يتحرى في الثاني لأنه ثبت جواز الاجتهاد فيه فلم يسقط بالانقلاب والثاني وهو