الباب الثاني في التزاحم على الحقوق وفيه فصول الأول في الطريق وهو قسمان نافذ وغيره أما النافذ فالناس كلهم يستحقون المرور فيه وليس لأحد أن يتصرف فيه بما يبطل المرور ولا أن يشرع فيه جناحا أو يتخذ على جدرانه ساباطا يضر بالمارة فإن لم يضر فلا منع منهما ويرجع في معرفة الضرر وعدمه إلى حال الطريق فإن كان ضيقا لا تمر فيه القوافل والفوارس فينبغي أن يرتفع بحيث يمر المار تحته منتصبا وإن كانوا يمرون فيه فليكن ارتفاعه إلى حد يمر فيه المحمل مع الكنيسة فوقه على البعير لأنه وإن كان نادرا فإنه قد يتفق ولا تشترط زيادة على هذا على الصحيح وقال أبو عبيد بن حربويه يشترط أن يكون بحيث يمر الراكب تحته منصوب الرمح واتفق الأصحاب على تضعيف قوله لأن وضع الرمح على الكتف ليس بعسير ويجوز لكل أحد أن يفتح الأبواب من ملكه إلى الشارع كيف شاء وأما نصب الدكة وغرس الشجرة فإن كان يضيق الطريق ويضر بالمارة منع وإلا فوجهان أحدهما الجواز كالجناح الذي لا يضر بهم وأصحهما وبه قطع العراقيون واختاره الإمام المنع ولا يجوز أن يصالح عن إشراع الجناح على شىء سواء صالح الإمام أو غيره وسواء ضر بالمارة أم لا ولو أشرع جناحا لاضرر فيه فانهدم أو هدمه فأشرع رجل آخر جناحا في محاذاته لا تمكن معه إعادة الأول جاز كما لو قعد في طريق واسع ثم انتقل عنه ويجوز لغيره الإرتفاق به هكذا قاله الأصحاب ولك أن تقول المرتفق بالقعود للمعاملة لا يبطل حقه بمجرد الزوال عن ذلك الموضع وإنما يبطل بالسفر والإعراض عن الحرفة