منهم عند رجل الآخر لئلا تتقدم أنثى على ذكر ولو وجد جزء ميت مسلم غير شهيد صلى عليه بعد غسله وستره بخرقة ودفن كالميت الحاضر وإن كان الجزء ظفرا أو شعرا لكن لا يصلى على الشعرة الواحدة كما قاله في العدة وإن خالفه بعض المتأخرين وإنما يصلى على الجزء بقصد الجملة لأنها في الحقيقة صلاة على غائب .
( و ) الرابع ( دفنه ) في قبر وأقله حفرة تمنع بعد ردمها ظهور رائحة منه فتؤذي الحي وتمنع نبش سبع لها فيأكل الميت فتنتهك حرمته .
قال الرافعي والغرض من ذكرهما إن كانا متلازمين بيان فائدة الدفن وإلا فبيان وجوب رعايتهما فلا يكفي أحدهما .
اه .
والظاهر الثاني .
وخرج بالحفرة ما لو وضع الميت على وجه الأرض وجعل عليه ما يمنع ذلك حيث لم يتعذر الحفر وسيأتي أكمله في كلامه .
( واثنان لا يغسلان ولا يصلى عليهما ) لتحريم ذلك في حقهما .
الأول ( الشهيد ) ولو أنثى ورقيقا أو غير بالغ إذا مات ( في معركة المشركين ) لخبر البخاري عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في قتلى أحد بدفنهم بدمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم وأما خبر أنه صلى الله عليه وسلم خرج فصلى على قتلى أحد صلاته على الميت فالمراد جمعا بين الأدلة دعا لهم كدعائه للميت كقوله تعالى ! < وصل عليهم > ! أي ادع لهم وسمي شهيدا لشهادة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم له بالجنة وقيل غير ذلك وهو من لم تبق فيه حياة مستقرة قبل انقضاء حرب المشركين بسببها كأن قتله كافر أو أصابه سلاح مسلم خطأ أو عاد إليه سلاحه أو رمحته دابته أو سقط عنها أو تردى حال قتاله في بئر أو انكشف عنه الحرب ولم يعلم سبب قتله وإن لم يكن عليه أثر دم لأن الظاهر أن موته بسبب الحرب بخلاف من مات بعد انقضائها وفيه حياة مستقرة بجراحة فيه وإن قطع بموته منها أو قبل انقضائها لا بسبب حرب المشركين كأن مات بمرض أو فجأة أو في قتال بغاة فليس بشهيد ويعتبر في قتال المشركين كونه مباحا وهو ظاهر أما الشهيد العاري عما ذكر كالغريق والمبطون والمطعون والميت عشقا والميتة مطلقا والمقتول في غير القتال المذكور ظلما فيغسل ويصلى عليه ويجب غسل نجس أصابه غير دم الشهادة وإن أدى ذلك إلى زوال دمها ويسن تكفينه في ثيابه التي مات فيها إذا اعتيد لبسها غالبا أما ثياب الحرب كدرع ونحوهما مما لا يعتاد لبسه غالبا كخف وفروة فيندب نزعها كسائر الموتى فإن لم تكفه ثيابه وجب تتميمها بما يستر جميع بدنه لأنه حق للميت كما مر .
( و ) الثاني ( السقط ) بتثليث السين ( الذي لم يستهل صارخا ) أي بأن لم تعلم حياته ولم يظهر خلقه فلا تجوز الصلاة عليه ولا يجب غسله ويسن ستره بخرقة ودفنه دون غيرهما أما إذا علمت حياته بصياح أو غيره أو ظهرت أماراتها كاختلاج أو تحرك فككبير فيغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن لتيقن حياته وموته بعدها في الأولى وظهور أماراتها في الثانية وإن لم تعلم حياته وظهر خلقه وجب تجهيزه بلا صلاة عليه وفارقت الصلاة غيرها بأنه أوسع بابا منها بدليل أن الذمي يغسل ويكفن ويدفن ولا يصلى عليه والسقط مشتق من السقوط وهو النازل قبل تمام أشهره فإن بلغها فكالكبير كما أفتى به بعض المتأخرين والاستهلال الصياح عند الولادة كما قاله أهل اللغة فقوله صارخا تأكيد .