المأمور به هنا انتهى .
ويدل له قولهم في باب الإمامة العظمى تجب طاعة الإمام في أمره ونهيه ما لم يخالف حكم الشرع .
واختار الأذرعي عدم وجوب الصوم كما لو أمرهم بالعتق وصدقة التطوع .
قال الغزي وفي القياس نظر لأن ذلك إخراج مال وقد قالوا إذا أمرهم بالاستسقاء في الجدب وجبت طاعته فيقاس الصوم على الصلاة فيؤخذ من كلامهما أن الأمر بالعتق والصدقة لا يجب امتثاله وهذا هو الظاهر وإن كان كلامهم في الإمامة شاملا لذلك إذ نفس وجوب الصوم منازع فيه فما بالك بإخراج المال الشاق على أكثر الناس وإذا قيل بوجوب الصوم وجب فيه تبييت النية كما قاله الأسنوي وإن اختار الأذرعي عدم الوجوب وقال يبعد عدم صحة صوم من لم ينو ليلا كل البعد ( ثم يخرج بهم ) أي بالناس ( الإمام ) أو نائبه إلى الصحراء حيث لا عذر تأسيا به صلى الله عليه وسلم ولأن الناس يكثرون فلا يسعهم المسجد غالبا .
وظاهر كلامهم أنه لا فرق بين مكة وغيرها وإن استثنى بعضهم مكة وبيت المقدس لفضل البقعة وسعتها ولأنا مأمورون بإحضار الصبيان ومأمورون بأن نجنبهم المساجد ( في ) اليوم ( الرابع ) من صيامهم صياما لحديث ثلاثة لا ترد دعوتهم المتقدم .
وينبغي للخارج أن يخفف أكله وشربه تلك الليلة ما أمكن ويخرجون غير متطيبين ولا متزينين بل ( في ثياب بذلة ) بكسر الموحدة وسكون المعجمة أي مهنة وهو من إضافة الموصوف إلى صفته أي ما يلبس من الثياب في وقت الشغل ومباشرة الخدمة وتصرف الإنسان في بيته ( و ) في ( استكانة ) أي خشوع وهو حضور القلب وسكون الجوارح وخفض الصوت ويراد به أيضا التذلل ( و ) في ( تضرع ) إلى الله تعالى ويسن لهم التواضع في كلامهم ومشيهم وجلوسهم للاتباع ويتنظفون بالسواك وقطع الروائح الكريهة وجالغسل ويخرجون من طريق ويرجعون في أخرى مشاة في ذهابهم إن لم يشق عليهم لا حفاة مكشوفي الرؤوس ويخرجون معهم ندبا الصبيان والشيوخ والعجائز ومن لا هيئة له من النساء والخنثى القبيح المنظر كما قاله بعض المتأخرين لأن دعاءهم أقرب إلى الإجابة إذ الكبير أرق قلبا والصغير لا ذنب عليه ولقوله صلى الله عليه وسلم وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم رواه البخاري وروي بسند ضعيف لولا شباب خشع وبهائم رتع وشيوخ ركع وأطفال رضع لصب عليكم العذاب صبا ونظم بعضهم ذلك فقال لولا عباد للإله ركع وصبية من اليتامى رضع ومهملات في الفلاة رتع صب عليكم العذاب الأوجع والمراد بالركع الذين انحنت ظهورهم من الكبر وقيل من العبادة ويسن إخراج البهائم لأن الجدب قد أصابها أيضا .
وفي الحديث إن نبيا من الأنبياء خرج ليستسقي وإذا هو بنملة رافعة بعض قوائمها إلى السماء فقال ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل شأن النملة رواه الدارقطني وفي البيان وغيره أن هذا النبي هو سليمان عليه السلام وأن النملة وقعت على ظهرها ورفعت يديها وقالت اللهم أنت خلقتنا فارزقنا وإلا فأهلكنا قال وروي أنها قالت اللهم إنا خلق من خلقك لا غنى لنا عن رزقك فلا تهلكنا بذنوب بني آدم وتقف البهائم معزولة عن الناس ويفرق بين الأمهات والأولاد حتى يكثر الصياح والضجة والرقة فيكون أقرب إلى الإجابة ولا يمنع أهل الذمة الحضور لأنهم مسترزقون وفضل الله واسع وقد يجيبهم استدراجا لهم ويكره إخراجهم للاستسقاء لأنهم ربما كانوا سبب القحط .
قال الشافعي ولا أكره من إخراج صبيانهم ما أكره من إخراج كبارهم لأن ذنوبهم أقل لكن يكره لكفرهم .
قال النووي وهذا يقتضي كفر أطفال الكفار .
وقد اختلف العلماء فيهم إذا ماتوا فقال الأكثرون إنهم في النار وطائفة لا نعلم حكمهم والمحققون إنهم في الجنة وهو الصحيح المختار لأنهم غير مكلفين وولدوا على الفطرة انتهى .
وتحرير