أو مجنون بالغ بقارعة الطريق فأخذه وكفالته وتربيته واجبة على الكفاية لقوله تعالى ! < ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا > ! ولأنه آدمي محترم فوجب حفظه كالمضطر إلى طعام غيره فإذا التقطه بعض من هو أهل لحضانة اللقيط الإثم عن الباقي فإن لم يلتقطه أحد أثم الجميع ولو علم به واحد فقط تعين عليه ويحب الإشهاد على التقاطه خوفا من أن يسترقه اللاقط ولو كان ظاهر العدالة وفارق الإشهاد على التقاط اللقطة حيث لم يجب بأن الغرض منها المال غالبا والإشهاد في التصرف المالي مستحب ولأن الغرض منه حفظ حريته ونسبه فوجب الإشهاد عليه كافي النكاح فإنه يجب الإشهاد عليه لحفظ نسب الولد لأبيه وحريته وبأن اللقطة يشيع أمرها بالتعريف ولا تعريف في اللقيط .
ويجب الإشهاد على ما معه من المال تبعا له وإن كان لا يجب الإشهاد على المال وحده فلو ترك الإشهاد لم تثبت له ولاية الحفظ بل ينزعه منه وجوبا الحاكم دون الآحاد ثم إن لم يوجد له مال فنفقته في بيت المال من سهم المصالح فإم لم يكن في بيت المال مال أو كان ثم ما هو أهم منه اقترض عليه الحاكم فإن عسر الاقتراض وجب على موسرينا قرضا عليه إن كان حرا وإلا فعلى سيده .
وقد نظم ابن رسلان مبحث اللقيط في زبده فقال للعدل أن يأخذ طفلا نبذا فرض كفاية وحضنه كذا وقوته من ماله بمن قضى لفقده أشهد ثم اقترضا وعليه إذ يفقد بيت المال والقرض خذ منه لذي الكمال ( واعلم ) أن اللقيط في دار الإسلام أو ما ألحق بها مسلم تبعا للدار إلا إن أقام كافر بينة بنسبه فيتبعه في النسب والدين فيكون كافرا تبعا له بخلاف ما إذا استلحقه بلا بينة لأنه قد حكم بإسلامه تبعا لدار الإسلام أو ما ألحق بها وهي دار الكفر التي بها مسلم يمكن كونه منه ولو أسيرا منتشرا أو تاجرا ولا يكفي اجتيازه بدار الكفر بخلافه بدار الإسلام فإنه يكفي اجتيازه بها لحرمتها .
ولو وجد اللقيط بدار الكفر التي لا مسلم بها فهو كافر وهو حر وإن ادعى رقه لاقط أو غيره لأن غالب الناس أحرار إلا أن تقام برقه بينة متعرضة لسبب الملك كإرث أو شراء كأن تشهد أنه رقيق لفلان ورثه من أبيه أو اشتراه وإلا إن أقر بالرق بعد كماله لشخص ولم يكذبه المقر له بأن صدقه أو سكت ولم يسبق منه قبل إقراره بالرق بعد كماله إقرار بحرية أما إذا كذبه المقر له فلا يقبل إقراره بالرق له وإن عاد المكذب وصدقه لأنه لما كذبه حكم بحريته بالأصل فلا يعود رقيقا وكذا لو سبق منه قبل إقراره بالرق بعد كماله إقرار بحرية لأنه لما حكم بحريته بإقراره السابق لم يقبل إقراره بالرق بعد ذلك .
والله سبحانه وتعالى أعلم .
$ باب النكاح $ هذا هو الربع الثالث من الفقه .
وإنما قدموا العبادات لأنها أهم ثم المعاملات لأن الاحتياج إليها أهم ثم ذكروا الفرائض في أول النصف الثاني للإشارة إلى أنها نصف العلم ثم النكاح لأنه إذا تمت شهوة البطن يحتاج لشهوة الفرج ثم الجنايات لأن الغالب أن الجناية تحصل بعد استيفاء شهوتي البطن والفرج ثم الأقضية والشهادات لأن الإنسان إذا وقعت منه الجنايات رفعوه للقاضي واحتاجوا للشهادة عليه ثم ختموا بالعتق رجاء أن يختم الله لهم بالعتق من النار .
والنكاح من الشرائع القديمة فإنه شرع من لدن آدم عليه السلام واستمر حتى في الجنة فإنه يجوز للإنسان النكاح في الجنة ولو لمحارمه ما عدا الأصول والفروع فلا ينكح أمه ولا بنته فيها .
قال الأطباء ومقاصد النكاح ثلاثة حفظ النسل وإخراج الماء الذي يضر احتباسه بالبدن ونيل اللذة .
وهذه الثالثة هي التي تبقى في الجنة إذ لا تناسل هناك ولا احتباس والأصل فيه الكتاب والسنة والإجماع فمن الأول قوله تعالى ! < فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع > ! وقوله تعالى ! < وأنكحوا الأيامى منكم > ! .
ومن الثاني قوله صلى الله عليه وسلم من أحب فطرتي فليستسن بسنتي ومن سنتي