يا نبي الله إنها تحوم حول البراري ولا تمتنع من الطيور فلا أدري أهو مني أو من غيري فأمر سليمان عليه السلام بإحضار الولد فوجده يشبه والده فألحقه به ثم قال سليمان لا تمكنيه أبدا حتى تشهدين على ذلك الطير لئلا يجحد بعدها .
فصارت إذا سفدها صاحت وقالت يا طيور اشهدوا فإنه سفدني .
اه .
بجيرمي .
ومثل الحدأة الرخمة وهو طائر أبيض ومن طبعه أنه لا يرضى من الجبال إلا الموحش منها ولا من الأماكن إلا أبعدها من أماكن أعدائه .
والأنثى لا تمكن من نفسها غير ذكرها وتبيض بيضة واحدة .
( قوله وبوم ) هو بلا تاء للذكر والأنثى يقال لها بومة بالتاء وهي المصاصة ومن طبعها أن تدخل على كل طائر في وكره وتخرجه منه وتأكل فراخه وبيضه وهي قوية السطوة في الليل لا يحتملها شيء من الطير ولا تنام في الليل .
وعن سيدنا سليمان صلوات الله وسلامه عليه ليس من الطيور أنصح لبني آدم وأشفق عليهم من البومة تقول إذا وقفت عند خربة أين الذين كانوا يتنعمون في الدنيا ويسعون فيها ويل لبني آدم كيف ينامون وأمامهم الشدائد تزودوا يا غافلين وتهيأوا لسفركم .
ح ل .
اه .
بجيرمي .
( قوله ودرة ) هي في قدر الحمامة فيتخذها الناس للانتفاع بصوتها كما يتخذون الطاووس للانتفاع بصوته ولونه ولها قوة على حكاية الأصوات وقبول التلقين .
قال ح ل وقد وقع لي أني دخلت منزلا لبعض أصحابنا وفيه درة لم أرها فإذا هي تقول مرحبا بالشيخ البكري وتكرر ذلك فعجبت من فصاحة عبارتها .
( وحكى ) الكمال الأقوى في الطالع السعيد عن الفاضل الأديب محمد القوصى عن الشيخ علي الحريري أنه رأى درة تقرأ سورة يس .
وعن بعضهم قال شاهدت غرابا يقرأ سورة السجدة وإذا وصل إلى محل السجود سجد وقال سجد لك سوادي وآمن بك فؤادي .
اه .
( قوله وكذا غراب إلخ ) فصله عما قبله بكذا لأن فيه خلافا لكن الشارح أطلق في الأسود مع أن غراب الزرع يحل أكله على الأصح وهو أسود صغير يقال له الزاغ .
وحاصل ما يقال في الغربان أنها أنواع فمنها ما هو حرام بالاتفاق لوروده في الخبر وهو الأبقع الذي فيه سواد وبياض .
ومنها ما هو حرام على الأصح وهو الغداف الكبير وهو أسود ويسمى الجبلي لأنه لا يسكن إلا الجبال .
وكذا العقعق وهو ذو لونين أبيض وأسود طويل الذنب قصير الجناح صوته العقعقة .
ومنها ما هو حلال على الأصح وهو غراب الزرع وهو أسود صغير يقال له الزاغ .
والغداف الصغير وهو أسود أو رمادي اللون .
وممن اعتمد حل هذا البغوي والجرجاني والروياني والأسنوي والبلقني والشهاب الرملي وولده .
والذي اعتمده في أصل الروضة تحريم هذا وجرى عليه ابن المقري وظاهر التحفة اعتماده ولعل هذا الأخير هو مراد شارحنا ويكون هو ممن اعتمد الحرمة تبعا لظاهر كلام شيخه .
( قوله ورمادي اللون ) الواو بمعنى أو .
( قوله خلافا لبعضهم ) أي حيث قال بحل أكله .
( قوله ويكره جلالة ) أي ويكره أكل لحم الجلالة وبيضها وكذا شرب لبنها لخبر أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الجلالة وشرب لبنها حتى تعلف أربعين ليلة رواه الترمذي .
وزاد أبو داود وركوبها .
والجلالة هي التي تأكل الجلة وهي بفتح الجيم وكسرها وضمها البعرة كذا في القاموس لكن المراد بها هنا النجاسة مطلقا .
( قوله ولو من غير نعم ) أي ولو كانت الجلالة من غير النعم .
وقوله كدجاج بفتح أوله أفصح من ضمه وكسره وهو تمثيل للغير .
وقوله إن وجد فيها ريح النجاسة تقييد للكراهة أي محل الكراهة إن ظهر في لحمها ريح النجاسة .
ومثله ما إذا تغير طعمه أو لونه .
وعبارة التحفة مع الأصل وإذا ظهر تغير لحم جلالة أي طعمه أو لونه أو ريحه كما ذكره الجويني واعتمده جمع متأخرون ومن اقتصر على الأخير أراد الغالب .
اه .
فإن لم يظهر ما ذكر فلا كراهة وإن كانت لا تأكل إلا النجاسة .
والسخلة المرباة بلبن كلبة أو نحوها كالجلالة فيما ذكر .
ولا يكره بيض سلق بماء نجس كما لا يكره الماء إذا سخن بالنجاسة ولا حب زرع نبت في زبل أو غيره من النجاسات .
( قوله ويحل أكل بيض غير المأكول ) هذا قد ذكره الشارح في مبحث النجاسة وأعاده هنا لكون الكلام في بيان حكم الأطعمة .
( قوله خلافا لجمع )