رضي الله عنه فيكفر به لثبوتها بالقرآن وفي إنكارها تكذيب للقرآن وظاهره أنه لا يكفر بإنكار صحبة غيره .
وفي رسالة شيخنا الأستاذ في فضل أبي بكر رضي الله عنه ما نصه ومن الآيات الدالة على فضله قوله تعالى ! < ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا > ! أجمع المسلمون على أن المراد بالصاحب هنا أبو بكر رضي الله عنه ومن ثم من أنكر صحبته كفر إجماعا ولا كذلك إنكار صحبة غيره .
اه .
وفي البجيرمي قال الشهاب الرملي لو قال أبو بكر لم يكن من الصحابة كفر ولو قال ذلك لغير أبي بكر لم يكفر وفيه نظر لأن الإجماع منعقد على صحابة غيره والنص وارد شائع .
قلت وأقل الدرجات أن يتعدى ذلك إلى عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم لأن صحابتهم يعرفها الخاص والعام من النبي صلى الله عليه وسلم فنافي صحبة أحدهم مكذب للنبي صلى الله عليه وسلم .
اه ( قوله أو قذف عائشة رضي الله عنها ) أي وكذلك يكفر من قذف عائشة لأن القرآن نزل ببراءتها ففي قذفها حماها الله تكذيب للقرآن ( قوله ويكفر في وجه الخ ) قال في الاعلام وفي وجه حكاه القاضي حسين في تعليقه أنه يلحق بسب النبي صلى الله عليه وسلم سب الشيخين وعثمان وعلي رضي الله عنهم فقال من سب الصحابة فسق ومن سب الشيخين أو الحسنين يكفر أو يفسق وعبارة البغوي من أنكر خلافة أبي بكر يبدع ولا يكفر ومن سب أحدا من الصحابة ولم يستحل يفسق واختلفوا في كفر من سب الشيخين .
قال الزركشي كالسبكي وينبغي أن يكون الخلاف إذا سبه لأمر خاص به أما لو سبه لكونه صحابيا فينبغي القطع بتكفيره لأن ذلك استخفاف بحق الصحبة وفيه تعريض بالنبي صلى الله عليه وسلم وقد روى الترمذي أنه صلى الله عليه وسلم رأى أبا بكر وعمر فقال هذان السمع والبصر وهكذا القول في شأن غيرهما من الصحابة .
وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال يقول الله تعالى من آذى لي وليا فقد آذنته بالحرب وفي رواية فقد استحل محارمي ولا شك أنا نتحقق ولاية العشرة فمن آذى واحدا منهم فقد بارز الله تعالى بالمحاربة فلو قيل يجب عليه ما يجب على المحارب لم يبعد ولا يلزم هذا في غيرهم إلا من تحققت ولايته بإخبار الصادق .
اه ( قوله لا من قال الخ ) أي لا يكفر من قال لخصمه وقد أراد الخصم بالله تعالى لا أريد الحلف بالله تعالى بل بالطلاق أو الإعتاق ( قوله أو قال رؤيتي إياك كرؤية ملك الموت ) أي لا يكفر بذلك ولا يكفر أيضا من قال لمسلم سلبك الله الإيمان أو لكافر لا رزقك الله الإيمان لأنه مجرد دعاء عليه بتشديد الأمر والعقوبة عليه ولا إن دخل دار الحرب وشرب معهم الخمر وأكل لحم الخنزير ولا إن صلى بغير وضوء متعمدا أو بنجس أو إلى غير القبلة ولم يستحل ذلك ولا إن تمنى حل ما كان حلالا في زمنه قبل تحريمه كأن تمنى أنه لا يحرم الله الخمر ولا إن شد الزنار على وسطه أو وضع قلنسوة المجوس على رأسه أو دخل دار الحرب للتجارة أو لتخليص الأساري ولا إن قال النصرانية خير من المجوسية ولا إن قال لو أعطاني الله الجنة ما دخلتها .
صرح بذلك كله في شرح الروض ( قوله تنبيه ينبغي للمفتي ) أي يتعين عليه .
( وقوله أن يحتاط الخ ) أي أن يسلك طريق الاحتياط في الإفتاء بتكفير أحد فلا يفتي بذلك إلا بعد الفحص الشديد واليقين السديد ( قوله لعظم خطره ) أي التكفير وذلك لأنه ربما كفر مسلما بلفظ غير مكفر فيكفر وقوله وغلبة عدم قصده أي المكفر وقوله سيما أي خصوصا من العوام فإنهم يتلفظون بكلمات مكفرة ولا يقصدون معناها ( قوله وما زال أئمتنا على ذلك ) أي على الاحتياط فيه قال في التحفة بعده بخلاف أئمة الحنفية فإنهم توسعوا بالحكم بمكفرات كثيرة مع قبولها للتأويل بل مع تبادره منها ثم رأيت الزركشي قال عن ما توسع به الحنفية أن غالبه في كتب الفتاوى نقلا عن مشايخهم وكان المتورعون من متأخري الحنفية ينكرون أكثرها ويخالفونهم ويقولون هؤلاء لا يجوز تقليدهم لأنهم غير معروفين بالاجتهاد ولم يخرجوها على أصل أبي حنيفة لأنه خلاف عقيدته إذ منها إن معنا أصلا محققا هو الإيمان فلا نرفعه إلا بيقين .
فليتنبه لهذا وليحذر ممن يبادر إلى التكفير في هذه المسائل منا ومنهم فيخاف عليه أن يكفر لأنه كفر مسلما .
اه .
ملخصا .