.
$ باب نكاح أهل الذمة $ ( قال ) رضي الله تعالى عنه اعلم أن كل نكاح يجوز فيما بين المسلمين فهو جائز فيما بين أهل الذمة لأنهم يعتقدون جوازه ونحن نعتقد ذلك في حقهم أيضا فإن النبي قال بعثت إلي الأحمر والأسود وخطاب الواحد خطاب الجماعة فما توافقنا في اعتقاده يكون ثابتا في حقهم فإما ما لا يجوز بين المسلمين فهو أنواع منها النكاح بغير شهود فإنه جائز بين أهل الذمة يقرون عليه إذا أسلموا عندنا .
وقال زفر رحمه الله تعالى لا يتعرض لهم في ذلك إلا أن يسلموا أو يترافعوا إلينا فحينئذ يفرق القاضي بينهم لقوله تعالى ! < وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم > ! ولأنهم بعقد الذمة صاروا منا دارا والتزموا أحكام الإسلام فيما يرجع إلى المعاملات فيثبت في حقهم ما هو ثابت في حقنا ألا ترى أن حرمة الربا ثابتة في حقهم بهذا الطريق فكذلك حرمه النكاح بغير شهود ولكنا نقول نعرض عنهم لمكان عقد الذمة لا لأنا نقرهم على ذلك كما نتركهم وعبادة النار والأوثان على سبيل الإعراض لا على سبيل التقرير والحكم بصحة ما يفعلون ولا نعرض عنهم في عقد الربا لأن ذلك مستثنى عن عقد الذمة قال إلا من أربي فليس بيننا وبينه عقد ويروي عهد وكتب إلى بني نجران إما أن تدعوا الربا أو فأذنوا بحرب من الله ورسوله وحجتنا في ذلك أن الإشهاد على النكاح من حق الشرع وهم لا يخاطبون بحقوق الشرع بما هو أهم من هذا ولأن النكاح بغير شهود يجوزه بعض المسلمين ونحن نعلم أنهم لم يلتزموا أحكام الإسلام بجميع الاختلاف ثم من المنزل أن يترك أهل الكتاب وما يعتقدون إلا ما استثني عليهم وإن حكم خطاب الشرع في حقهم كأنه غير نازل لاعتقادهم خلاف ذلك ألا ترى أن الخمر والخنزير يكون ما لا متقوما في حقهم ينفذ تصرفهم فيهما بهذا الطريق فكذا ما نحن فيه بخلاف الشرك فإن ذلك لم يحل قط ولن يحل قط وإذا انعقد انعقد فيما بينهم صحيحا بهذا الطريق فما بعد المرافعة والإسلام حال بقاء النكاح والشهود شرط ابتداء النكاح لا شرط البقاء فإما إذا تزوج ذمية في عدة ذمي جاز النكاح في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى حتى لا يفرق بينهما وأن أسلما أو ترافعا وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يفرق لأن النكاح في العدة مجمع على بطلانه فيما بين المسلمين فكان باطلا في حقهم أيضا ولكن لا نتعرض لهم لمكان عقد