وكذلك كل شيء تولاه مما يكون فيه خصما كالبيع وما أشبهه والمراد بهذا أن عند دعوى الأب لا تقبل شهادة الابن للتهمة وعند جحود الأب أن كان الآخر جاحدا أيضا لا تقبل الشهادة لعدم الدعوى فأما إذا كان الآخر مدعيا كانت الشهادة مقبولة وإن كان للأب فيها منفعة كما إذا شهدوا عليه ببيع ما يساوي مائة درهم بألف درهم والمشتري يدعيه وهذا لأن هذه منفعة غير مطلوبة من جهة الأب والمنفعة التي هي غير مطلوبة لا تؤثر في المنع من قبول الشهادة ( قال ) وأما شهادة الشاهد على فعل تولاه لنفسه أو لغيره مما يكون فيه خصما ومما لا يكون خصما فساقطة بالاتفاق وبهذا يستدل أبو يوسف رحمه الله تعالى فقال الابن جزء من أبيه فشهادته كشهادة الأب لنفسه فكما أن شهادة الأب فيما باشره لا تكون مقبولة وإن لم يكن له فيه منفعة فكذلك شهادة الابن للأب ولكنا نقول فيما باشره يكون مدعيا لا شاهدا فأما الابن فيما باشر أبوه يكون شاهدا فبعد تحقق الشهادة المانع من القبول هو التهمة ففي كل موضع لا تتحقق التهمة تكون الشهادة مقبولة ( قال ) وإذا زوج الرجل ابنته فأنكرت الرضا فشهد عليها أخوها وأبوها بالرضا لم تقبل لأن الأب يريد تتميم ما باشره ولو شهد عليها أخواها بالرضا كانت مقبولة لأنه لا تهمة في شهادتهما عليها ( قال ) ولو تزوج امرأة بغير شهود أو بشاهد واحد ثم أشهد بعد ذلك لم يجز النكاح لأن الشرط هو الإشهاد على العقد ولم يوجد وإنما وجد الإشهاد على الإقرار بالعقد الفاسد والإقرار بالعقد الفاسد ليس بعقد وبالإشهاد عليه لا ينقلب الفاسد صحيحا ( قال ) ولا يجوز النكاح بين مسلمين بشهادة عبدين أو كافرين أو صبيين أو معتوهين أو نساء ليس معهن رجل لما قلنا فإن كان معهم شاهدان حران مسلمان جاز النكاح لوجود شرطه فإن أدرك الصبيان وعتق العبدان وأسلم الكافران ثم شهدوا بذلك عند الحاكم جازت شهادتهم لأن شرائط أداء الشهادة إنما يعتبر عند الأداء وهو موجود والعتق والإسلام والبلوغ ليس من شرائط التحمل فتحملهما كان صحيحا حين تحملا لأن التحمل ليس بشهادة والحرية والإسلام والبلوغ تعتبر في الشهادة فلهذا جازت شهادتهما ( قال ) وإذا شهد شاهد أنه تزوجها أمس وشهد شاهد أنه تزوجها اليوم فشهادتهما باطلة لأن النكاح وإن كان قولا إلا أن من شرائطه ما هو فعل وهو حضور الشهود فكان بمنزلة الأفعال واختلاف الشهود في المكان والزمان في الأفعال يمنع قبول الشهادة توضيحه إن كل واحد منهما شهد بعقد