وفي تزويج غير الأب والجد لا يكتفي بسكوتها وما علق في حديث آخر من الحق لها بصفة الثيوبة المراد به في حق الضم والتفرد بالسكني يعني أن للولي أن يضم البكر إلى نفسه لأنه يخاف عليها أن تخدع فإنها لم تمارس الرجال ولم تعرف كيدهم وللثيب أن تنفرد بالسكني لأنها آمنة من ذلك والمعني فيه إنها حرة مخاطبة فلا يجوز تزويجها بغير رضاها كالثيب وتأثيره أن الحرية والخطاب وصفان مؤثران في استبداد المرء بالتصرف وزوال ولاية الافتيات عليه كما في حق المال والغلام وبقاء صفة البكارة تأثيره في عدم الإهتداء بسبب انعدام التجربة والامتحان ولهذا لا تثبت ولاية الافتيات عليه كما في المال فإن الظاهر إن من يبلغ لا يكون مهتديا إلى التصرفات قبل التجربة والامتحان ولكن الاهتداء وعدم الاهتداء لا يوقف على حقيقته وتختلف فيه أحوال الناس فاقام الشرع البلوغ عن عقل مقام حقيقة الاهتداء تيسيرا للأمر على الناس وسقط اعتبار الاهتداء الذي يحصل قبل البلوغ بسبب التجربة ويسقط اعتبار الجهل الذي يبقى بعد البلوغ لعدم التجربة ألا ترى أن البكر التي لا أب لها غير مهتدية كالتي لها أب ثم اعتبر رضاها في تزويجها بالإتفاق وكذلك إقرارها بالنكاح يصح فلو كان بقاء صفة البكارة في حقها كبقاء صفة الصغر لم يجز إقرارها بالنكاح وإما قبض الصداق فعندنا لو نهت الأب عن قبض صداقها لم يكن له أن يقبض ولكنه عند عدم النهي له أن يقبض لوجود الأذن دلالة فإن الظاهر أن البكر تستحي من قبض صداقها وأن الأب هو الذي يقبض لتجهيزها بذلك مع مال نفسه إلى بيت زوجها فكان له ان يقبض لهذا وبعد الثيوبة لا توجد هذه العادة لأن التجهيز من الآباء بالإحسان مرة بعد مرة لا يكون فصار الأب في المرة الثانية كسائر الأولياء ( قال ) وأن سكتت حين بلغها عقد الأب فالنكاح جائز عليها لأن الشرع جعل السكوت منها رضا لعلة الحياء فإن ذلك يحول بينها وبين النطق فتكون بمنزلة الخرساء فكما تقوم أشارة الخرساء مقام عبارتها فكذلك يقام سكوت البكر مقام رضاها وكان محمد بن مقاتل رحمه الله تعالى يقول إذا استأمرها قبل العقد فسكتت فهو رضا منها بالنص فأما إذا بلغها العقد فسكتت لايتم العقد لأن الحاجة إلى الإجازة هنا والسكوت لا يكون إجازة منها لأن هذا ليس في معنى المنصوص فإن السكوت عند الاستئمار لا يكون ملزما وحين يبلغها العقد الرضا يكون ملزما فلا يثبت ذلك بمجرد السكوت ولكنا نقول هذا في معنى المنصوص لأن عند الاستئمار لها جوابان نعم أو لا فيكون