الأقرب صغيرا أو مجنونا لأنه لا ولاية له عليها والأبعد محجوب بولاية الأقرب إلا بالغيبة وزفر رحمه الله تعالى يقول الأبعد لا يزوجها لبقاء ولاية الأقرب وكذلك السلطان لا يزوجها لأن ولاية السلطان متأخرة عن ولاية الأبعد فإذا لم تثبت الولاية للأبعد هنا فالسلطان أولى بخلاف ما إذا عضلها لأن هناك هو ظالم في الامتناع من إيفاء حق مستحق عليه فيقوم السلطان مقامه في دفع الظلم لأنه نصب لذلك وهنا الأقرب غير ظالم في سفره خصوصا إذا سافر للحج وهو غير ممتنع من إيفاء حق مستحق عليه ليقوم السلطان مقامه في الإيفاء فيتأخر إلى حضوره وحجتنا في ذلك أن ثبوت الولاية لمعنى النظر للمولى عليه حتى لا يثبت إلا على من هو عاجز عن النظر لنفسه وجعل الأقرب مقدما لأن نظره لها أكثر لزيادة القرب ثم النظر لها لا يحصل بمجرد رأي الأقرب بل رأى حاضر منتفع به وقد خرج رأيه من أن يكون منتفعا به في هذه الحال بهذه الغيبة فالتحق بمن لا رأي له أصلا كالصغير والمجنون ورأي الأبعد خلف عن رأي الأقرب وفي ثبوت الحكم للخلف لا فرق بين انعدام الأصل وبين كونه غير منتفع به ألا ترى أن التراب لما كان خلفا عن الماء في حكم الطهارة فمع وجود الماء النجس يكون التراب خلفا كما أن عند عدم الماء يكون التراب خلفا لأن الماء النجس غير منتفع به في حكم الطهارة فهو كالمعدوم أصلا ونظيره الحضانة والتربية يقدم فيه الأقرب فإذا تزوجت الأقرب حتى اشتغلت بزوجها كانت الولاية للأبعد وكذلك النفقة في مال الأقرب فإذا انقطع ذلك ببعد ماله وجبت النفقة في مال الأبعد فأما إذا زوجها الأقرب حيث هو فإنما يجوز لأنها انتفعت برأيه ولكن هذه المنفعة حصلت لها اتفاقا فلا يجوز بناء الحكم عليه فلهذا تثبت الولاية للأبعد توضيحه أن للأبعد قرب التدبير وبعد القرابة وللأقرب قرب القرابة وبعد التدبير وثبوت الولاية بهما جميعا فاستويا من هذا الوجه فكانا بمنزلة وليين في درجة واحدة فأيهما زوجها يجوز والولاية إنما تثبت للقاضي عند الحاجة ولا حاجة إلى ذلك لما ثبتت الولاية للأبعد بالطريق الذي قلنا ثم تكلموا في حد الغيبة المنقطعة فكان أبو عصمة سعد بن معاذ رحمه الله تعالى يقول أدنى مدة السفر تكفي لذلك وهو ثلاثة أيام ولياليها لأنه ليس لأقصى مدة السفر نهاية فيعتبر الأدنى وإليه يشير في الكتاب فيقول أرأيت لو كان في السواد ونحوه أما كان يستطلع رأيه فهذا دليل على أنه إذا جاوز السواد تثبت للأبعد وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى فيه